ما هي فلسفة العلوم وهل ينبغي على العلماء الاهتمام بها؟
الكاتب | Janet D. Stemwedel |
العنوان | What is philosophy of science (and should scientists care)? |
تاريخ النشر | 2014 |
الموقع | scientificamerican |
منذ حوالي 20 عام تقريبًا، غيرت مهنتي من كيميائية فيزيائية إلى فيلسوفة علوم، وطوال هؤلاء العشرون عامًا، كان الناس (وخاصة العلماء) يسألونني دائمًا عن ماهية فلسفة العلم هذه، وما إذا كان العلماء في حاجة لها أم لا.
فلسفة العلوم
هناك العديد من الأشياء التي يدرسها فلاسفة العلوم، ولكن هناك مجموعة واحدة من الاهتمامات الرئيسية التي تميز العلم كيف تختلف العلوم عن الأنشطة الإنسانية الأخرى، وما أسس معرفتها، وما السمات الأساسية للمشاركة العلمية مع الظواهر، إلخ. وذلك يعني أن فلاسفة العلوم قضوا وقت لا بأس به محاولين إيجاد الخط المشترك بين العلمي والغير العلمي، محاولين اكتشاف المنطق الذي تعتمد عليه الادعاءات العلمية، بهدف فهم العلاقة بين البيانات النظرية والبيانات التجريبية، واكتشاف العامل المشترك الذي يربط المجالات العلمية المنفصلة المتعددة—على افتراض وجود مثل هذا العامل المشترك.*
إذا كنت تود ذلك، يمكنك التفكير في هذه المجموعة من المشاريع الفلسفية على أنها محاولة لإعطاء فكرة عما يحاول العلم فعله—كيف يحاول العلم بناء صورة للعالم تخضع للمساءلة أمام العالم بطريقة معينة، وكيف تتطور تلك الصورة وتتغير استجابة للمزيد من المعلومات التجريبية (من بين عوامل أخرى)، وما نوع التفسيرات التي يمكن إعطائها لنجاح الاعتبارات العلمية (بقدر نجاحها)؛ وفي الغالب، ينصب تركيز الفيلسوف على “العلم” بدلًا من مجال معين من مجالات العلم. وأيضًا، يهتم بعض الفلاسفة بصورة مثالية للعلم باعتباره بناء المعرفة العقلانية على النحو الأمثل- وهو أمر سيؤكدون أنه مختلف تمامًا عن العلم كما يُمارس بالفعل.**
ويرغب العلماء الممارسون إلى حد كبير في معرفة كيفية الرد على الأسئلة في مجال العلوم الخاص بهم، فإذا كان هدفك فهم الجهاز الهضمي لحشرة غريبة، فقد لا تستفيد إطلاقًا من الحساب الدقيق للتغير في النظرية العلمية، فضلًا عن الموقف الحازم المتعلق بمسألة مناهضة الواقعية العلمية. وقد تستفيد أكثر بكثير من المعلومات المتعلقة بكيفية الإيقاع بالحشرة، كيفية الوصول إلى جهازها الهضمي، وأنواع الأشياء التي يمكنك ملاحظتها للقياس أو المعالجة التي قد تعطيك معلومات مفيدة عن الجهاز الهضمي للحشرة، وكيفية جمع بيانات جيدة، وكيف تقول عندما جمعت بيانات كافية لاستخلاص استنتاجات مفيدة، والطرق المناسبة لمعالجة البيانات واستخلاص الاستنتاجات، وما إلى ذلك.

لا تعطي دورة في فلسفة العلوم عالمَ حشرات أيًّا من تلك الأدوات العملية لدراسة المشكلات العلمية عن الجهاز الهضمي للحشرة، ولكن فلسفة العلوم تهدف إلى الإجابة عن أسئلة مختلفة عن تلك التي يحاول العالم العامل الإجابة عنها. فالهدف من فلسفة العلوم ليس الإجابة عن الأسئلة العلمية، ولكن الإجابة عن أسئلة عن العلم.***
هل يحتاج العالم العامل إلى تعلم فلسفة العلوم لكي ينجز المهمة العلمية؟ في الغالب لا، ولا يحتاج العالم أيضًا إلى دراسة أدب شكسبير أو التاريخ ليكون عالم جيد، ولكن هذه الأشياء ربما لا تزال جهودًا جديرة بالاهتمام للعالم باعتباره شخصًا ومن الجيد بين الحين والآخر أن تكون قادر على التفكير في شيء ما بجانب وظيفتك اليومية (قد يكون التفكير الترفيهي ممتعًا!).
والآن، هناك بعض ممن سيرون أن دراسة فلسفة العلوم قد تكون مضرة للعالم الممارس. إن قراءة بنية كوهن للثورات العلمية بادعاءها أن التحولات في النموذج العلمي لها عنصر ذاتي لا مفر منه، أو حتى رؤية بوبر للمنهج العلمية التي تهدف إلى التغلب على مشكلة الاستقراء، قد تصيب العالم الشاب بالذهول ويقنعانه بأن الهدف من المعرفة الموضوعية بعيد المنال. وقد يؤدي ذلك إلى تقويض جهوده في بناء المعرفة الموضوعية في المختبر.
(على الرغم من ذلك، أعتقد أن قراءة رواية هيلين لونجينو لكيفية بناء المعرفة الموضوعية- رواية فلسفية آخرى- قد تجيب عن بعض المخاوف التي أثارها بوبر، وكوهن، وذلك الحشد، وهو ما يجعل مساعي بناء المعرفة لدى العالم الشاب تبدو واعدة أكثر.)
كان لدى مشرفي في الدراسات العليا في الكيمياء الخاص بي قصة صغيرة رواها، وكان من المفترض بها أن توضح المخاطر التي يقع فيها العلماء مع الفلاسفة والمؤرخين وعلماء الاجتماع في العلوم: إن أم أربعة وأربعون تؤدي رقصة جميلة ومعقدة، وتصعد نملة إليها وتقول “تلك الرقصة جميلة! كيف تنسقين كل أقدامك تنسيقًا مثاليًا لأداء ذلك؟” توقفت أم أربعة وأربعون لتفكر في ذلك وفي النهاية ردت، “لا أعرف”، ثم راقبت أم أربعة وأربعون أقدامها وهي تحاول الرقص مرة أخرى- ولم تستطع!
استطاعت أم أربعة وأربعون الرقص بدون معرفة تحديدًا في كيف كان من المفترض أن تتحرك كل قدم بالتنسيق مع الأقدام الأخرى. وكذلك تستطيع عالمة ممارسة العلم مع اعتبار منهجية مجالها أمرًا مسلمًا به، ولكن الاضطرار إلى تقديم رواية فلسفية أو تبرير لهذه المنهجية أعمق من “هذا ما نفعله ويعمل جيدًا في التعامل مع المشكلات التي نريد حلها” قد يجعل هذه المنهجية تبدو غريبة ويصعب الاستمرار في استخدامها.
ومن ثم مرة أخرى، قيل لي أن ما فعله أينشتاين للفيزياء كان له علاقة وثيقة باقتراح إعادة تنظيم (فلسفي) للمنطقة النظرية كما فعلت هي مع البيانات التجريبية الجديدة، لذلك قد يستطيع العالم الغريب الأطوار تطبيقها على العلم تطبيقًا جيدًا.
*أعتقد أنه يمكن للمرء تحديد “العلم” من خلال تعداد المجالات المدرجة في التصنيف (علم الأحياء، والكيمياء، والفيزياء، وعلم الفلك، والجيولوجيا،…) ثم طرح سؤال ما القواسم المشتركة (إن وجدت) بين هذه الأمثلة للمجالات العلمية بدون وجود خطورة الدخول في حلقة مفرغة، خاصة وأننا نترك الأمر للعلماء ليخبرونا ما العلوم، ومن المحتمل ألا ينتهي الأمر بالعلوم إلى الإتيان بأساس مشترك – لن يكون هناك أي منها.
** للتوثيق، أجد أن العلم كما يُمارَس في الواقع- في مجالات علمية معينة، بدلًا من كونه معممًا على أنه “علم”- أكثر إثارة فلسفيًا من الأشياء المثالية. ولكن، كما اعتاد أحد زملائي في المختبر في كلية الدراسات العليا أن يصيغ الأمر في هذه العبارة “مجال عمل شخص ما هو عمل حياة شخص آخر”.
*** حقًأ، للإجابة على الأسئلة الفلسفية حول العلم، بما أن المؤرخون وعلماء الاجتماع وعلماء الانثروبولوجيا أيضًا يحاولون الإجابة عن أسئلة عن العلم.