اسهامات المسلمين للعالم في علم الجغرافيا

مقدمة:

ما زالت مؤلفات المسلمين في الجغرافيا تحتل مكانًا مهمًّا حتى يومنا هذا، لأن المعلومات التي تتضمنها تزيد في علمنا بالجغرافيا التاريخية المتعلقة بالبلدان التي تناولتها هذه المؤلفات. والجغرافيا كعلم بدأ قبل الإسلام، ولكن كان من نتائج ريادات العرب ومعارفهم الفلكية أن تقدم علم الجغرافيا تقدمًا مهمًّا وملموسًا ولا غرو. فالعرب الذين أخذوا في البداية العلوم عن اليونانيين -ولا سيما بطليموس في علم الجغرافيا- لم يلبثوا أن فاقوا أساتذتهم في ذلك العلم كعادتهم.

إثبات كروية الأرض:

حيث أن مسيرة الإبداع عند العرب قد بدأت بإثباتهم كروية الأرض، فقد كان الإغريق يعتقدون أن الأرض قرص دائري مسطح تحيط به المحيطات من كل جانب، وها هو هكتاسيوس سنة 500 قبل الميلاد -والذي يعتبر أبًا للجغرافيا الإغريقية- قد رسم خرائطه على أساس القرص المستدير، حتى جاءت الدولة الرومانية ورفضت هذه الفكرة، حيث أشارت إلى أن العالم يشبه العجلة وأن مياه المحيط حوله من كل الجهات، حتى أتت الحضارة الإسلامية وعملت على إحياء نظرية كروية الأرض.

ظهور علم الخرائط:

ظهرت الخرائط الإسلامية وأهمها خريطة الإدريسي، وكانت هذه الخرائط أعظم ما أنتجه علم رسم الخرائط في العصور الوسطى، فلم تُرسم قبلها خرائط أدق منها وأوسع تفصيلًا، وكان الإدريسي يجزم بكروية الأرض، وأول من أثبت كروية الأرض هو الخليفة العباسي المأمون، فهو أول من قام بمحاولة لقياس أبعاد الكرة الأرضية فجاء بعلماء في الفلك والجغرافيا برئاسة سند بن علي، والعجيب أن النتائج جاءت دقيقة وقريبة مما توصل إليه العلم المعاصر.

جغرافيا

ظهور كتب الجغرافيا:

كان كتاب جغرافيا بطليموس من الكتب الأساسية التي اعتمد عليها المسلمون في إرساء قواعد علمهم، وصحح المسلمون ما وقع فيه بطليموس من أخطاء عند تحديد الأطوال والعروض، ومن هذه الأخطاء أنه بالغ كثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط وجعل أيضًا المحيط الهندي والهادي بحيرة، ووصل جنوب آسيا بجنوب إفريقيا وأخطأ في تحديد بحر قزوين والخليج العربي خطأً فادحًا. وقد صحح المسلمون كل هذه الأخطاء، ثم خلفوا للعالم كتبهم الجغرافية التي كتبها جمهرة العلماء والرحالة طوال خمسة  قرون.

نرشح لك : تطور علم التاريخ في الحضارة الاسلامية

اكتشاف خطوط الطول ودوائر العرض:

ويُعد المسلمون أول من وضع رسومات خطوط الطول ودوائر العرض على خريطة الكرة الأرضية، وقد وضعها العالم أبو علي المراكشي سنة 1262 ميلاديًّا و660 هجريًّا، وذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرض للصلاة.

اكتشاف أمريكا الشمالية:

كان من أسباب تقدم المسلمين في علم الجغرافيا أن تم اكتشاف الأمريكتين وقارة أستراليا وكذلك اكتشاف القارة السادسة وهي قارة القطب الجنوبي، على عكس علماء الغرب الذي ينسب إلى كريستوفر كولومبوس سنة 1492، وهي الخريطة التي حيرت العلماء وأذهلت العالم من تأليف جغرافي مسلم هو بيري ريس واسمه الكامل محيي الدين بن محمد الريس، وهذه الخريطة التي رسمها تنقسم إلى عدة خرائط منفصلة فهي تبين شرقي المحيط الأطلسي حيث السواحل الإسبانية والإفريقية الغربية، أما في غرب المحيط فأنت ترى القارة الأمريكية بسواحلها وجزرها وموانيها وحيواناتها، فضلًا عن سكانها الهنود الحمر وهم يرعون الغنم.

تطور أدوات الملاحة:

قد ذكر فاسكو دي جاما في مذكراته أن الملاحين العرب الذين التقى بهم في رحلته كانوا يحملون بوصلات متطورة لتوجيه السفن بالإضافة إلى آلات رصد وخرائط بحرية، وأنه استعان بهم وأرسل بعض خرائطهم إلى الملك مانويل وأن ملاحًا مسلمًا هو الذي قاد سفينته من مالندي إلى كالكوتا في الهند، وقد قاد سفينة فاسكو دي جاما أيضًا الملاح العربي الجغرافي ابن ماجه، الذي ظهرت البوصلة على يديه، ومن الملاحظ أن جميع خرائط المسلمين مثل خريطة المسعودي وخرائط الإدريسي تبين بوضوح اتصال المحيط الهندي بالمحيط الأطلسي حول إفريقيا.

خاتمة:

لا يحتاج إحصاء أهم جغرافيي العرب وما ألفوا من الكتب إلى بيان طويل، لولا إصرار الأوربيين الخاص على عدم اهتمام وإحصاء الجغرافيين العرب لمؤلفاتهم وإخفاء حقيقة اكتشاف المسلمين للحقائق الجغرافية وإنكار علماء الجغرافيا الغربيين الكبار لذلك الشأن، ومع ذلك فيكفي ما أتى به العرب من عمل كبير لإثبات قيمتهم، فالعرب هم الذين انتهوا إلى معارف فلكية مضبوطة يمكن أن تُعد أول أساس للخرائط.

المراجع:

  1. مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ، تأليف جهاد الترباني.
  2. حضارة العرب، تأليف جوستاف ليبون.
  3. حضارة الإسلام وأثرها في الترقي العالمي، تأليف جلال مظهر.
  4. المسالك والممالك، تأليف ابن خرداذبة.
  5. نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، تأليف الإدريسي.
  6. قصة الحضارة، تأليف ويل ديورانت.
  7. وفيات الأعيان، تأليف ابن خلكان.
  8. مقدمة في تاريخ العلم، تأليف سارتون.
  9. أعلام الجغرافيين العرب، تأليف عبد الرحمن حميدة.
  10. الحضارة العربية الإسلامية، تأليف شوقي ابو خليل.