هارون الرشيد.. قالوا عنه ماجن

هناك أشخاص من التاريخ قيل عنهم أقوال سيئه رغم عفتهم يقال أن هناك كتاب يكتبون التاريخ على حسب ما يسمعون لا على ما يشاهدون، فإذا سمع عن الشخصية التاريخيه أنه معظم ومبجل كتب عنه بين سنايا الأسطر كلمات من التبجيل والتعظيم فقد أخذ سطورا من المديح رغم أنه كان ف الأصل سافكا للدماء،يصلب ويهدم كل شئ، وهناك أشخاص معتمرون عظماء وحاجون بيت الله ويحكمون بلعدل ولكن يكتب عنهم أسوء الكلمات.
خليفتنا كتب عنه أسوء الكلام نشر بسببه كتاب الكبير” ألف ليلة وليلة” قيل عنه زير نساء رغم إنه كان يحج عاما ويغزو عام.

هارون الرشيد
قيل عنه ماجن وزير نساء، ويشرب الخمر ليلا ونهارا وإذا ما ذكر اللهو والنساء والجواري ومجالس الإنس والسمر، ذكر إسم الخليفه هارون الرشيد. هكذا إرتبط الأمر في عقول الكثيرين،رغم أن هذه الحقيقه تبعد كل البعد عن حقيقة هذا الخليفه العباسي.

كان ف الأصل مثالا للزهد والتقوى، بل أيضا وصلت بغداد في عصره إلى قمة مجدها الحضاري، والثقافي حتى أصبحت سيده مدن العالم،.

هارون الرشيد
الخليفة العباسي الخامس، ولد في. مدينه الري وتوفي في مدينه طوس، بويع للخلافة وهو عمره ٢٢ عاما، أمه الخيزران بنت عطاء، وهي أم ولد يمانيه.

يعتبر هارون الرشيد اشهر الخلفاء العباسية وأكثرهم ذكرا ف المصادر الأجنبية كالحوليات الألمانيه ف عهد الإمبراطور شارلمان التي ذكرته باسم (آرون) والحوليات اليابانيه والصينية التي ذكرته (الون).

اما المصادر العربيه فقد افاضت الكلام عنه لدرجة ان اخباره إمتزجت فيها حقائق خياليه، ككتاب “ألف ليلة وليلة”
التي صورته بلخليفه المصرف في الترف والملذات وأنه اصلا في الأصل لا يعرف إلا اللهو وشرب الخمور، ومرافقه الغانيات.

والواقع أن هذا الخليفه كان خيره الخلفاء، فقد كان يحج عاما ويغزو عاما، وذكر أنه كان يصلي في خلافته كل يوم مائة ركعه إلى أن مات، ويتصدق بالف ويحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه، ولهوه وذنوبه.

ولا سيما إذا وعظ وقد رفع الكثير من البلدان في زمنه واتسعت رقعة الإسلام، في زمنه واستتب الأمن وعم الرخاء، وكثر الخير بما لا نظير له، ثم أن هذا الخليفة كان حسن السيرة والسرير.

كذلك كان يصور بلخليفه الحذر، الذي يبث عيونه، وجواسيسه بين الناس ليعرف أمورهم، واحوالهم بل كان احيانا يطوف بنفسه متنكرا في الأسواق والمجالس ليعرف ما يقال فيها، وفي الواقع هذه الصوره المتباينة للرشيد، ماهي إلا انعكاس للعصر الذي عاش فيه بمحاسنه ومساوءه، وهو العصر العباسي الأول.

“مقتطفات من حياته”
هارون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي من زوجته الخيزران، التي. كان لها نفوذ كبيرر ف الدوله، تربى الرشيد مع اولاد الأمراء والقادة، ف الدوله العباسيه ومع اخواته بلرضاعه،الفضل وجعفر اولاد يحي إلبرمكي، الذي صار له مكانة عظمى ف الدوله العباسيه.

وفي سنه 151 وبعد وفاة جعفر الابن الأكبر للخليفة ابو جعفر المنصور، عادت أسر المهدي إلى بغداد، واصبح واليا للعهد، وعاش الرشيد طفوله هادئه مستقره، وكان جده ووالده هم من تولو تعليمه وتربيه، تعلم النحو على يد العالم المعروف “الكسائي” الذي ظل معه حتى وفاته.

في عام 158 توفي ابو جعفر المنصور، واصبح المهدي ضيف الخلافة، ودفع بابنه هارون للتدرب على الفروسية والرمي، وفنون القتال، وقال محمد ابن الخرساني.

“الرشيد اول خليفه لعب بلصوالجه، والكره ورمي النشاب في البرجاس، وأول خليفة لعب بلشطرنج من بني عباس”

أصبح الرشيد شابا يافعا عينه والده قائدا على الجيش الذي يضم العديد من أمراء الدوله، وكان عمره وقتها لا يتجاوز الخمس عشر عاما.

وفي عام ١٦٥ تزوج الرشيد ببنت عمه وبعد الزواج أرسله والده بقياده جيش أخرلغزو الروم، وصل جنوده خليج البحر المطل على القسطنطينية، وكانت حاكمتهم يومئذا “ايرين” زوجه “آليون” الملقبه “أغسطه” بعد أن رأت القتل في الروم، قررت أن تدفع سبعين ألف دينار كل سنه، مقابل عدم الحرب، فقبل ذلك وأرسلت معه الهدايا لوالده، وتعاهدت مع الرشيد، على هدنة لمده 3سنوات،فقال في ذلك مروان بن حفصة.
“اطفت بقسطنطينيه الروم إليها القاضي اكتسي
مسندا. الدول سورها
وما رمت حتى اتتك. بجزيتها والحرب تغلى
ملوكها. قدورها

عاد هارون الرشيد من تلك الغزوة إلى بغداد وقد فرح المهدي بانتصار وأطلق عليه لقب “الرشيد”

“الرشيد راويا للحديث”
كان الرشيد من أعظم خلفاء بني العباس، وكان شديد التقوى، والخوف من الله عز وجل، حتى كان كما قلنا يحج عاما ويغزو عاما، في سبيل الله، بل وكان يذهب للحج كان يذهب له ماشيا، ويصلي ف اليوم مائة ركعة بل والإعجاب من هذا كله، انه كان يروي الحديث بلسند المتصل بلنبي صل الله عليه وسلم، وكان رحمة الله يجالس العلماء، ويستمع منهم الحديث والعظمة ويبكي، حتى يبل الثرى دموعه.

“يقول ابن العمار :كان الرشيد رحمة الله يحب. الحديث وأهله وسمع الحديث من مالك بن أنس وغيره،.
” وبعض من أقوال العلماء الذين عاصروه”

” قال الغزالي في فضائح الباطنيه”

وقد حكي عن إبراهيم بن عبد الله الهرشاني انه قال حججت مع أبي سنه حج الرشيد، فإذا نحن بكل شيء وهو واقف حافٍ على الحصباء، وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول يارب آنت آنت وانا انا انا العواد إلى الذنب وأنت العواد إلي المغفره أغفر لي.

” كيف لنا اتهام تلك الشخصية الواعظه بلله كيف للبعض الكتابة والتشويه لذلك الخليفة الذي ف عصره نهضت بغداد وأصبحت قبله الحضارة، هل كان ما يستحقه منا هذا تشويه صورته وتاليف عنه كتابا أيضا يضم المغريات والملذات والسخريات،
ضم أسمه بغدا وأصبحت

” بغداد الرشيد قبله الحضارة”
اتسعت رقعة الخلافة الإسلامية في عصره، حتى بلغت مشارق الأرض ومغاربها، كانت الأموال تحمل من جميع الأقاليم بعد تكفيه الجيوش، إلى بيت المال على بعد المسافه، كان يستلقي وينظر إلى السحابه، فيقول “اذهبي إلى حيث شئت خراجك يأتي بإذن الله”

وأنشأ ما يعرف ببيت الحكمه في بغداد، وزودها بإعداد كبيره من المؤلفات، والكتب من كل بقاع العالم، وكانت تضم غرفا عديدة يمتد بأنها أروقة طويله، وخصصت بعضها للكتب وبعضها المحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين، والمترجمين والمجلدات، فهل هذا الذي يقولون عليه ماجن كيف هذا؟!

كما تمت في عهده اول ترجمه إلى العربيه، لأشهر كتاب علمي عرف في التاريخ، وهو كتاب الأصول “الأركان”
في الهندسه لاقليدس وتطورت العلوم خصوصا الفيزياء الفلكية، والتقنية وابتكر عدد من الاختراعات، كالساعات المائية، كما انشئ في عهده، اول مصنع للورق ببغداد عام 795.

اهتم هارون الرشيد بالمساجد والإصلاحات التي بها، ففي عهده ولأول مرة قد استعملت القناديل لأول مره لاضاءه الطرقات، والمساجد، حيث اعتني الرشيد بالزراعة، فاسس نظامها فبنت حكومته الجسور والقناطر الكبيره.
أصبحت بغداد في عصره قبله لطلاب العلم من جميع البلاد يرحلون إليها، حيث كبار الفقهاء، والمحدثين والقراء واللغوين، وكانت المساجد الجامعه تحتضن دروسهم، وحلقاتهم العلميه، التي كانت أشبه بالمدارس العليا.

ولكن للأسف هذه الصوره الذهنية، ارتبطت بروايات، الف ليله وليله، وصورة الخليفة لا تخلو مجالس من النساء، ولعل هذه الصورة التي حرص وزراء البرامكه على تشويهها،

وهم الذين حاولو أن يصورو هارون الرشيد، هو الخليفة الماجن الذي لا هم له إلا مجالس الطرب والغناء واللهو والخمر ومصاحبه الجواري، كما تناولت ونقلت هذه الصوره، المشوهة بعض الأعمال الدرامية التي عملت على نشرها بين الناس،

توفي الخليفة هارون الرشيد أثناء ذهابه لغزو في مدينة طوس ودفن بها عام 193 وكان عمره 45 سنه، وقيل قبل وفاته انه رأى مناما انه يموت في طوس، فبكي وقال “احفرو لي قبرا” فحفر له ثم حمل فيه على جمل، وسيق به ثم نظر إلى القبر، وقال “يا ابن آدم بقبر إلى هذا، وأمر قوما فنزلوه فختموا فيه ختماا للقرءان وهو في محفه على القبر،،.

ومات الذي قيل ف حقه أبشع الكلمات، والذي دون الكثير عنه، ونكب وأُفتري عليه ولكنه كان ف الحقيقة خير مثال يحتذى به.