ما هي الرأسمالية وإلى أي مدى تؤثر على الناس
عنوان المقال | ما هي الرأسمالية وإلى أي مدى تؤثر على الناس |
الكاتب | كيم كيلي |
تاريخ النشر | 11/4/ 2018 |
الموقع | teenvogue |
ماذا تعني الرأسمالية، وكيف تعمل، ومن يؤيدها ومن يعارضها
تُعرف الرأسمالية على أنها نظام اقتصادي تسيطر فيه الشركات الخاصة على تجارة الدولة وصناعتها وأرباحها، بدلًا من الناس الذين يمنحون أوقاتهم وقواتهم لتلك الشركات، إن الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى حول العالم تعتنق نظام الرأسمالية ولكن الرأسمالية ليست هي النظام الاقتصادي الوحيد المتاح؛ وعبر العصور المختلفة، اعتنقت دول أخرى نظم مختلفة مثل الاشتراكية أو الشيوعية، لذلك من المهم التعرف على ماهية الرأسمالية بالفعل.
لقد ذكرت سي إن إن مؤخرًا أن 66% من الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و32 سنة لا يدخرون شيء لسن التقاعد، على الرغم من ذلك، وفقًا لسالون(صحيفة أجنبية) ، فإن السبب في عدم استثمار العديد من أبناء جيل الألفية في صناديق الاستثمار أو إدخار مبلغ من المال ليس لأنهم مفلسون للغاية أو بسبب افتقارهم للمسئولية الشخصية- بل بسبب اعتقادهم بأن نظامنا الاقتصادي الحالي، الرأسمالية، سيختفي عندما يصلون إلى سن ال 60 عام.
من خلال حديث سالون مع جيل الألفية هناك توقع بأن يشهد تحول مجتمعي كبير في حياتهم، إما تجاه الاشتراكية- نظام سياسي واقتصادي يملك فيه الجميع وسائل الإنتاج معًا وعلى قدم المساواة- أو تجاه نوع من الكابوس البائس Mad Maxالذي تضاءلت فيه الموارد، ويمتلك فيه الأثرياء البلوتقراطيين كل شيء، ويحتاج فيه الناس العاديين إلى توحيد صفوفهم في مجتمعات صغيرة مستقلة ذاتيًا من أجل البقاء، ومما يثير استياء المحافظين، أن فكرة الاشتراكية الحديثة، التي ترجع جذورها إلى الفيلسوف اليوناني أفلوطين لكنها ظهرت باعتبارهاسياسية شعبية في أوائل القرن التاسع عشر بين الراديكاليين الألمان مثل كارل ماركس وفريدريخ إنجلز، أصبحت فكرة ذات شعبية متزايدة بين الشباب في السنوات القليلة الماضية التي تبعت ترشُّح الديمقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز المظلوم المُرشح لمنصب الرئاسة والزحف الاستبدادي لنظام ترامب الرأسمالي المتطرف المناهض للاشتراكية
وفي المقابل، أصبحت الرأسمالية أقل شعبية بشكل ملحوظ بين الأجيال الأصغر، إذ أشارت جريدة واشنطن بوست في إبريل 2016 إلى أن غالبية الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا قالوا في إحدى الدراسات الاستقصائية أنهم يرفضونها تمامًا.
ربما تكون قد سمعت كلمة “رأسمالي” تنتشر في العامين الماضيين- ربما فيما يتعلق بالاحتجاجات المناهضة للفاشية والرأسمالية في حفل تنصيب ترامب، إذًا، ما الرأسمالية، ولماذا الناس متحمسون لها بطريقة أو بأخرى؟
من أين أتت فكرة الرأسمالية؟
إن أصول الرأسمالية معقدة، وتمتد إلى القرن ال 16، عندما انهارت أنظمة السلطة البريطانية إلى حد كبير بعد الموت الأسود (الطاعون) ، الذي كان طاعون مميت أودى ما يصل إلى 60% من سكان أوروبا بأكملها وبدأت فئة جديدة من التجار في التجارة مع دول أجنبية، وقد أضر هذا الطلب الجديد على الصادرات بالاقتصادات المحلية وبدأ بإملاء إجمالي الإنتاج وتسعير البضائع، وكذلك أدى إلى انتشار مذهب الاستعمارية والعبودية والإمبريالية.
إن اختفاء الإقطاعية – وهو نظام هرمي في الغالب يُنظر إليه على أنه نظام قمعي جعل الفقراء مرتبطين بأراضيهم أسيادهم، التي كانوا يزرعونها مقابل مكان للعيش فيه والحماية العسكرية- كما ترك الفلاحين البريطانيين الريفيين بلا منزل وبلا عمل، وهو ما جعلهم في نهاية المطاف ينتقلون إلى الحضر بعيدًا عن الريف، ثم اضطر عمال المزارع السابقون إلى العمل في بيئة عمل تنافسية جديدة من أجل البقاء، في نفس الوقت الذي عملت فيه الدولة من خلال التنسيق مع الرأسماليين الجدد على تحديد حد أقصى للأجور و”قمع المتسولين”.
بحلول القرن الثامن عشر، تحولت إنجلترا إلى دولة صناعية، وشهد انطلاق الثورة الصناعية انفجارًا في التصنيع اجتاح الجزيرة. ومن خلال هذه المصانع مصانع النسيج الدخانية القابل للاشتعال، ازدهرت فكرتنا الحديثة عن الرأسمالية- والمعارضة لها- كاملًة. وفي عام 1776، نشر الخبير الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث أطروحته “التحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الشعوب“، التي تعتبر حجر الأساس الذي تقف عليه الرأسمالية الحديثة. وعلى الرغم من أن بعض أفكاره الخاصة عن القيمة والعمل تختلف عن أفكار الاقتصاديين المعاصرين، فسميث يُعرف ب “أبو الرأسمالية”.
ماذا يعني أن تكون رأسمالي؟
إن الأفراد الرأسماليين هم عادة ناس أغنياء لديهم كمية كبيرة من رأس المال (مال أو أصول مالية أخرى) مُستثمرة في العمل، ويستفيدون من نظام الرأسمالية من خلال عمل أرباح متزايدة ومن ثم زيادة ثروتهم. ويسيطر السوق الحر على الدولة الرأسمالية، والذي يعني نظام اقتصادي تهيمن فيه الشركات والمؤسسات الخاصة على الأسعار والإنتاج وتتنافس مع بعضها البعض، ويكون هناك تركيز شديد على الملكية الخاصة والنمو الاقتصادي وحرية الاختيار والتدخل الحكومي المحدود. وعامة، يميل أولئك الذين على يمين الطيف السياسي إلى تأييد الرأسمالية، وأولئك الذين على اليسار نحو مناهضة الرأسمالية.
كيف تؤثر الرأسمالية على الناس؟
يختلف نوع التأثير الذي تتركه الرأسمالية على حياتك على حسب أنت رئيس أم مرؤوس، فبالنسبة لشخص يملك شركة ولديه عمال آخرين، فإن الرأسمالية تبدو منطقية: فكلما زادت الأرباح التي تحققها شركتك، زادت الموارد التي تضطر إلى مشاركتها مع العاملين لديك، ومن ثم يحسن نظريًا مستوى معيشة الجميع. كل هذا يعتمد على مبدأ العرض والطلب، وفي الرأسمالية، الاستهلاك هو العامل المتحكم، ولكن المشكلة تتمثل في أن العديد من المديرين الرأسماليين غير عادلين في مشاركة الثروة، وهذا هو السبب في أن أحد الانتقادات الرئيسية للرأسمالية تتمثل في تسببها في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء.
تتبنى الرأسمالية مبدأ “الطمع شيء جيد”، الذي يقول مؤيديه أنه شيء إيجابي- فالطمع يؤدي إلى الربح والربح يؤدي إلى الإبداع وتطوير الإنتاج، وهذا يعني أنه يوجد خيارات أكثر لهؤلاء الذي يقدرون عليها. ويقول معارضوا الرأسمالية أن الرأسمالية بطبيعتها استغلالية، وتؤدي إلى مجتمع منقسم بوحشية يدوس على الطبقات العاملة لصالح زيادة ثروات الأغنياء. وعلى سبيل المثال في التاريخ الحديث، بدأت حركة “احتلوا وول ستريت” باعتبارها احتجاج مناهض للرأسمالية ضد “ال 1%”- أغنى أغنياء الطبقة الرأسمالية- وتساءلت عن سبب السماح لهم بالعيش برفاهية وسعادة بينما 20% من الأطفال الأمريكان يعيشون في الفقر.
لماذا يؤيد الناس الرأسمالية؟
يؤمن مؤيدي الرأسمالية بعدة نقاط رئيسية: أن الحرية الاقتصادية تؤدي إلى الحرية السياسية وأن تملك وسائل الإنتاج الخاصة بالدولة قد يؤدي إلى تجاوز الفيدرالية والاستبداد. فهم يرون أنها الطريق الوحيد المعقول لتنظيم المجتمع، مُصرين على أن البدائل الأخرى المتمثلة في الاشتراكية أو الشيوعية أو الفوضوية مصيرها الفشل. فرئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر، التي قيل إن موقفها المؤيد للرأسمالية قد دمر الطبقات العاملة البريطانية، أعلنت ذات مرة: “لا يوجد بديل”.
وعند السؤال عن التفكير في التأثير السلبي للرأسمالية على البيئة وتقلص مواردنا الطبيعية، يقول الكثيرون أن هذه الموارد ستكون أكثر قيمة وقدرة على إنتاج المزيد من رأس المال مع استمرار انخفاضها. ويعتقدون أيضًا بأن المنافسة بين الشركات تفيد المستهلكين من خلال توفير المنتجات بأسعار أكثر معقولية، وأن جو “القوي يأكل الضعيف” الرأسمالي يشجع الناس على العمل بجد أكثر لتحقيق أحلامهم. ويرفض مؤيدي الرأسمالية المخاوف المناهضة للرأسمالية التي تتعلق بعدم المساواة والاضطهاد بقولهم بأن الأغنياء أغنياء لأنهم أكثر إنتاجية من نظرائهم الفقراء.
إن التركيز الشديد على الفرد أكثر من الجماعة هو السمة المميزة الكلاسيكية للرأسمالية، وهو صميم قصة “ساعد نفسك بنفسك” والتي يجدها الرأسماليين مقنعة للغاية.
لماذا يعارض الناس الرأسمالية؟
يرى المعارضين للرأسمالية أن الرأسمالية نظام غير إنساني، وضد الديمقراطية، وغير دائمة، واستغلال عميق يجب تفكيكه. فهم يرون أن الأمر يتعارض مع الديمقراطية بطبيعته بسبب الطريقة التي يمسك بها المديرون الرأسماليون بزمام السلطة على العمال في مكان العمل وحقيقة أنه كلما زاد رأس المال المتراكم، زادت القوة التي يتمتعون بها. وكما كتب الفيلسوف والخبير الاقتصادي الشيوعي الألماني كارل ماركس- ربما أشهر معارض للرأسمالية في التاريخ، والذي وللمفارقة ساعد في نشر المصطلح- في كتابه Capital, Volume 1: A Critical Analysis of Capitalist Production، “تمامًا كما يُحكم الإنسان، في الدين، من خلال منتجات عقله، لذلك، في الإنتاج الرأسمالي، تحكمه منتجات يده”.
إن الحجة الرئيسية المناهضة للرأسمالية هي أن “السمة المميزة للرأسمالية هي الفقر في وسط الوفرة.” فهم يقولون أن المعاناة الكبيرة والعنف اللذين فُرضا على الطبقات العاملة، والتركيز القاسي على الأرباح على حساب الناس، وانتشار عبودية الأجور- التي لا يملك الناس فيها خيار سوى بيع قوات عملهم، وهو ما نراه في كل صناعة بداية من الغذاء السريع حتى الأعمال الأساسية- والاغتراب الاجتماعي.
أكد أيضًأ ماركس على قدرة النظام على تجريد العمال من إنسانياتهم، وكتب أن الأساليب الرأسمالية للإنتاجية “تشوه العامل وتحوله إلى جزء من رجل، وتجرده إلى مستوى جزء من آلة، وتدمر كل ما تبقى من سحر في عمله وتحوله إلى تعب مكروه”. وبما أن التهديد الوشيك لاستخدام الآلات وتقلص مستوى رعاية الصحة العامة يفرض المزيد من الضغط على الطبقة العاملة، فإن معارضي الرأسمالية يخشون من أن تعطشها للربح على حساب شيء آخر يعني أن أولئك الذين يبيعون قوات عملهم سيعملون حتى الموت.
وكما قال مارتن لوثر كينج الابن- وهو معارض قوي للرأسمالية- في خطابه الأخير أمام مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية في عام 1967 “في يوم ما يجب أن نطرح سؤال، “لماذا يوجد أربعون مليون فقير في أمريكا؟…وعندما تطرح هذا السؤال، فأنت بدأت تشك في الاقتصاد الرأسمالي.”
ما الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية؟
يُنظر إلى الرأسمالية والاشتراكية عمومًا على أنهما قطبان متنافران، وفي الغالب تأطر مناقشات أي من النظامين بوصفه معارضًا للنظام الآخر، وبالرغم من أنه يوجد العديد من أشكال الاشتراكية، ولكن في أصولها فإن الاشتراكية عبارة عن نظام اقتصادي يسيطر فيه كل المجتمع، وليس المديرين أو الشركات الخاصة فقط، على وسائل الإنتاج بالتساوي، فهي تفترض أن الناس متعاونون بطبيعتهم، وليسوا متنافسون. ويتمثل الهدف من الاشتراكية في مجتمع مساوِ يديره ممثلون منتخبون ديمقراطيًا لصالح الجميع وفقًا لمجموعة من المعايير المحددة جماعيًا؛ على عكس الرأسمالية، التي تدير فيها الدولة الصناعة والإنتاج، ويُنظر إلى الاستحواذ على الملكية الخاصة على أنها تؤدي إلى نتائج عكسية. ويعتقد نقاد الاشتراكية الرأسماليين بأنها نظام يُبطئ النمو الاقتصادي، ويكافيء كسل العمال، ويؤدي إلى قمع الحقوق الفردية وحرية التعبير.في الدول الرأسمالية، يكون التركيز على الأرباح أكثر من أي شيء آخر؛ أما في الدول الاشتراكية، يُنظر إلى عامة الناس على أنهم أكثر أهمية، والرفاهية الاجتماعية لها أولوية كبيرة. وتعتبر الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا أمثلة للدول الرأسمالية الحديثة، في المقابل، تعتبر الصين والهند وكوبا أمثلة للدول الاشتراكية الحديثة غير الرأسمالية، كما كان الاتحاد السوفيتي سابقًا. وتدمج العديد من الدول الأخرى مثل النرويج والسويد وكندا وهولندا الأفكار الاشتراكية في مجتمعاتها، وكذلك الولايات المتحدة إلى حد ما؛ على سبيل المثال، تعتبر الرعاية الصحية الشاملة والضمان الاجتماعي مفهومان اشتراكيان.