مستقبل الرأسمالية

Comments 0
العنوان The Future of Capitalism
تاريخ النشر 16 September 2019
الموقعbloomberg
الكاتب Peter Coy

تخلق الرأسمالية الازدهار، فإنها، بتوجيه الطاقات نحو الإنتاج والابتكار، مكّنت مليارات الناس العاديين من العيش أفضل من قدماء الملوك. لكن الرأسمالية تضع السلطة في أيدي الملاك بما فيهم المليارديرات –عصِيو الحب – والشركات المتعددة الجنسيات، ملومة بذلك على توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وكثيرٌ من الناس يساويها بالمحسوبية وهيمنة المصالح الخاصة على الحكومة، فيرى فريق الحل في ” تنظيف الرأسمالية”: بوقف دعم الأعمال التجارية وحمايتها وإزالة الاحتكارات، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية. أما الفريق الآخر فيري بوجوب تأدية الحكومة دورًا أكبر حتى تلبي احتياجات المجتمع، لأن الدافع الربحي للرأسماليين لا يمكن الاعتماد عليه في هذا الصدد.

الموقف

أصبحت اللامساواة في حال من التدهور والتحسن معًا، فقد تقلص حجم التفاوت بين الدول بنهوض الصين والهند وغيرها من الدول التي تحولت الي الرأسمالية ونظام الأسواق الحرة. بينما في الوقت ذاته ازداد التباين بين الأغنياء والفقراء داخل الدول. وعمومًا، تمتلك الطبقة السفلي من العالم حوالي 1% من اجمالي الثروة العالمية، في حين تملك نسبة الـ 1% من صفوة البالغين حوالي 47% منها. وتتعرض الرأسمالية والأسواق الحرة لتحدي من جانب كل من اليسار واليمين.اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي اللذان اشتركا في حملة انتخابية ليصبحا المرشح الرئاسي من الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، يريان أن النظام الاقتصادي “قد أُعِد” لصالح الأثرياء. من جانب اليمين، وصف الرئيس دونالد ترامب نفسه بأنه ” رجل الجمارك ” واتجه إلى تقييد الهجرة، برغم كون التدفق الحر للسلع والأفراد هو وقود نمو الاقتصادات الرأسمالية. ويقول الملياردير  راي داليو، مؤسس شركة بريد جووتر أسوشيتس Bridgewater Associates، أكبر صندوق تحوط في العالم، إن الاستياء من تباين الثروات قد يفضي إلى ثورة.

خلفية الأحداث

بنيت الرأسمالية على بحث ملاك العقارات عن الربح. فيملك الأفراد والشركات الأرض والآلات وغيرها من الأصول، ويوظفون العمال حتى يستغلوا “رأس المال” بغرض عمل منتجات وخدمات يمكن بيعها. نظريا – وعادة عمليا – يستمر الرأسماليون في التقدم مدفوعين بتنافسهم على العملاء. و “اليد الخفية” للسوق الحرة، عوضا عن الحكومة، توجه “من” سيفعل “ماذا”. وقد كتب عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث  في عام 1776: “ليس من مصلحة الجزار، مصنع الخمور، أو الخباز أن نتطلع الي عشاءنا، إلا من ناحية اهتمامهم بمصالحهم الخاصة.” ورأى الاقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان في السبعينيات أن زيادة أرباح المساهمين إلى أقصى حد، بموجب تنفيذ القانون، ينبغي أن يكون الهدف الوحيد للشركات. وقد رحبت مجالس الشركات بتلك الرسالة ترحيبًا كبيرًا. لكن منذ ذلك الحين أصبح هناك تحرك مُتنامٍ نحو ما يسمى “رأسمالية أصحاب المصالح “، التي تطالب الشركات بترجيح مصالح أصحاب المصالح على مصالح الموظفين والعملاء والمجتمع. وفي أغسطس عام 2019، أقرت ” بيزنس راوند تيبل Business Roundtable “، وهي رابطة كبار المسؤولين التنفيذيين في الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الفكرة، متخليًة بذلك عن تأييدها لرأي فريدمان. وبالفعل تستلزم ألمانيا تمثيل 50٪ من الموظفين في مجالس الاشراف على الشركات الكبرى، التي تتخذ القرارات الإستراتيجية.

الحجة

إن اصلاح السوق الحرة للرأسمالية هو مزيد من الرأسمالية: فتفكيك عمالقة التكنولوجيا من شأنه أن يمهد الطريق أمام المنافسين. وإلغاء الجمارك (التعريفة) سيفيد الفقراء الذين ينفقون حصة كبيرة من دخلهم على المنتجات المستوردة. كذلك من شأن إرخاء القيود المفروضة على أنواع المنازل المسموح ببنائها سيجعل السكن أكثر وفرة وبأسعار معقولة. ومن شأن القيود المفروضة على جماعات الضغط أن تمنح الشركات غير المنتمية سياسياً فرصة أكثر عدلاً. ويدعم العديد من هذه الإصلاحات أشخاص من اليسار الوسطي مثل وارين، التي تدعو نفسها “رأسمالية حتى النخاع”. وفيما يتعلق بالضرائب، فالرأسماليين منقسمون: فيقول بعضهم ان تخفيض الضرائب سيؤدي إلى مزيدٍ من النمو والازدهار، ويشير البعض الاخر إلى الدول الاسكندنافية الباهظة الضرائب بوصفها نموذجًا يُحتَذى به: فيطلقون العنان للمؤسسات الخاصة لخلق الرخاء، ثم يستخدمون الضرائب والتحويلات لتعويض التفاوت في الدخل الناتج بالضرورة.

هناك نهج آخر – إما بديل عن أو، في كثير من الأحيان، إضافة إلى جعل الرأسمالية تعمل بشكل أفضل – هو تولى الحكومة أجزاء من الاقتصاد حيث يفشل النظام الرأسمالي في توفير الاحتياجات الأساسية. وبهذا المنظور، ستضطلع الحكومة ببناء المزيد من المساكن بدلاً من مجرد تقديم حوافز للبناء تبعًا للقطاع الخاص. وهذا ما سيضمن وظائف حكومية للأشخاص الذين تم تسريحهم في القطاع الخاص، وتجنب حدوث انخفاض في التوظيف كلما تباطأ الاقتصاد.في الولايات المتحدة، تدفع وجهة النظر هذه الحجة الداعية لاستبدال مجموعة الخطط الصحية الخاصة التي تترك أكثر من 30 مليون شخص غير مؤمن عليهم بالتغطية التي تقدمها الحكومة للجميع. وهي ايضا الدافع إلى التعليم الجامعي المجاني أو الخالي من الديون للنهوض بمن هم أقل حظًّا، وهذه الأفكار نابعةٌ من اليسار. أما بالنسبة إلى اليمين، ستعمل حركة “المحافظة الوطنية” على كبح جماح الأسواق الحرة بالانخراط في التخطيط الصناعي وحماية الصناعات الأساسية من المنافسة الأجنبية. والمحصلة: البعض على اليسار يرحب بالرأسمالية، والبعض الآخر على اليمين لا يثق بها.

رف المراجع

  • استناداً إلي كتابه “مستقبل الرأسمالية : مواجهة المخاوف الجديدة” ، يرى أستاذ الإقتصاد  بول كولير  أن الخلافات الاقتصادية العميقة تُمزق نسيج المملكة المتحدة والمجتمعات الغربية الأخرى.
  • الخبير الاقتصادي توماس فيليبون يُلقي الضوء على تركُّز سلطة الشركات في “التراجع الكبير: كيف تنازلت أمريكا عن الأسواق الحرة”.
  • ” بلومرينج بيزنس ويك” تضع سبعة إصلاحات للرأسمالية الأمريكيه.
  • إعادة تعريف “بيزنس راوندتيبل” لأهداف المؤسسة.