الرأسمالية … صراع المال والقيم
التعريف العقلاني للرأسمالية:
الرأسمالية لها العديد من التعريفات ولكن دعونا نشتق المعنى من حروفها، وكأنَّ المسمى يخبرك بأنَّ الرئاسة للمال وما دونه دون!
المال في سياسة الرأسمالية يأتي أولًا ثم يليه أي شيء، نهاية طريقه المال والمكسب.. دون النظر لأي شيءٍ آخر، حتى لو كان معاديًا لمبادئ الإنسانية، فأنت في قانون الرأسمالية عقلٌ خُلِقَ لتدور تروسه وتمرينها على كيفية تحريك من وما حولها في السيطرة المالية، وقلبٌ خُلِقَ ليعشق المال، وجوارح تجري وراء الأموال .
تحدَّث الكثير عن بداية ونشأة الرأسمالية، ولكن من وجهة نظري دعونا نتحدث عن بعض نقاط وُجِدت قبلها و نقارنها بمبادئها ونقرر بصوت العقل الممزوج بالدين والمبادئ وليس العقل الشهواني المتشدد الذي يضع رأيه و يراه في مصلحته على حساب الآخرين فيطبقه لمجرد وجود سلطة وأموال .
العلاقة الوطيدة بين الرأسمالية والفساد:
من أساسيات انتشار الفساد والعشوائية المستساغة التي أصبحت الواقع المفروض ، هي جعل المنتشر والكثير أساس وأصح.. بمعنى التف الكثيرون حول المطرب كذا وأغانيه الهابطة أو صانع المحتوى الذي يقدم اللَّاشئ ولكن بفعل الإعلانات المُموَّلة يحصد ملايين المشاهدات من العابرين، فيجري وراءهم المنتجون والشركات الرأسمالية لجلب المشاهدات الكثيرة، والتي بدورها تأتي بالأموال الطائلة دون النظر لتأثيرها على عقول الشباب وانحدار الثقافة العامة.. ولكن المال يحكم!
كنت قد قرأت مقولة قريبة من موضوعنا “أنَّ الديموقراطية لا تُمنَح لشعبٍ جاهل لأنَّ مجموعة من الحمير ستحدد مصيرك ” ما أريد توضيحه أن ليس كل منتشر صحيح وليس كل ما هو مدر للمال دائم أو يصح.
ولكن أساس الملك العدل، وليس الملك فقط..بل أساس الدنيا كذلك، فقد خلقك الله حرًا بلا قيود إلا قيود الحق.. فلمَ تأثِر نفسك في شهوة المال الزائفة، وتحكم على غيرك بإرضاء الطمع داخلك حتى بدون إعطائه الحق الذي يستحقه!
فالرأسمالية تقول ما دمت تملك المال فعليك أن تزده، ولكن كيف تأتي الزيادة ؟! أ باستغلال الموارد ذات السعر القليل، الكثيرة الفائدة… وزيادة ساعات العمل لمن لديهم القدرة على استثمار تلك الموارد وتقليل أجورهم أو عدم إعطائهم ما يستحقون، وبذلك تضمن زيادة في سيطرتك وأموالك! ولكن أذلك ما فطر الله عليه الكون ؟ حاشاه !
المخيف هو القانون السائد الحالي وأُسسه؛ حيث أهملت أساسيات الحياة أو هُمِّشت بالمعنى الأصح وأصبح الأساس “والكل في الكل ” وأي شيء يأتي بعده، وأصبح كثيرون من الأشخاص غير المسؤولين يحددون مصائر ويرأسون مصالح بدون النظر إلى إمكانياتهم العقلية أو الأخلاقية، ولكن النظر إلى إمكانياتهم المادية.
كيفية تسلل الجرائم بسبب الجشع الرأسمالي:
فلا تستغرب من انتشار جرائم ليست من العاطلين لحاجتهم، ولا ممَّن حركهم حزنهم على أحوالهم للانتقام، ولكن أيضًا من الرأسماليين لجشعهم، فحين خلق الله عاطفتك وإنسانيتك لم تكن من فراغ أو كانت هباءًا، ولكن لغرض.. فإن أرادك الله للعمل فقط لكان قد خلقك مصنعًا أو صخرًا، ولكن خُلِقت مزيجًا، والأصح أنَّه في الأغلب حين تسود الأنانية وتتحول الحياة لصراع آخره المال، وبدون قيود.. فلا ننتظر إلا الخسارة، وأعني هنا بالخسارة خسارة نظام الحياة الصحيح وليست الأموال وبالتالي خسارة الأموال مع الوقت.
إنك حين تدمن الأموال، وتأتي مع الوقت ببساطة على حساب من يكدحون لحسابكَ بلا مقابل مُجزٍ.. ف هنا يختل ميزان العدالة في الأرض، وحين يختل فلاتستبعد الجرائم وانتشار الظلم وضياع الحقوق .
ولكن السؤال هنا ما الحل؟ وهل الإكثار من العمل والسعي وراء المال ليس محببًا ؟
الحل هو الرقابة الصحيحة، و وضع القوانين الصارمة من الدول والتي لا يتجاوزها أموال ولا سلطات، والأهم إعادة الترتيب ووضع كل شخص في منصبه الصحيح فليس كل من ملك مالًا ملك أشخاص لمجرد حاجتهم .
وأن نوقن بأنَّ المال من أساسيات الحياة، وليس الحياة! غير مكروه ولا معادٍ لقانون بقاء البشرية والفطر، ولكن حكمة قديمة قيلت ويجب أن تزال قائمة -ما زاد على حده قلُب ضد-.