الرأسمالية والتعليم
العنوان | Capitalism and education |
تاريخ النشر | 7/ 8 / 2017 |
الكاتب | Jeremy Trott |
الموقع | thesocialist |
مقاومة للتخفيضات
ومن جديد تضع أحدث ميزانية فيدرالية طلابَ الجامعات في مأزق عصيب،إذ أن الرسوم الجامعية ستزداد بنسبة ٧,٥ %على مدار خمس سنوات، الأمر الذي يعني أنه يمكن للطلاب أن يتوقعوا دفعَ زيادة تتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف وستمائة دولار للدورات الدراسية التي تبلغ مدتها أربعة أعوام. كذلك فإن مستوى الدخل المخصص لسداد ديون الطلاب الحاصلين على دعم من خطة المساهمة في التعليم العالي HECS سينخفض إلى اثنين و أربعين ألف دولار فقط في العام، وتواجه الجامعات أيضًا انخفاضا في مواردها المالية بقيمة ثلاثمائة وثمانين مليون دولار على مدار عامين؛ وهو ما يؤدي إلى تسريح العاملين وزيادة الموارد.
كانت هذه الهجمات التي شنها كلٍ من الليبراليين وحزب العمال وحزب الخضر بمنزلة الجولة الأخيرة لسلسلة طويلة من التخفيضات التدريجية الموجهة للتعليم العالي الأسترالي. وتُصر الحكومة على ضرورة التغييرات الجديدة المقترَحة لجعل التمويل الجامعي ”مستدامًا“ . ومع ذلك فإن الأموال المدخرة تعد تغييرًا ضئيلًا إذا ما قورنت بالأرباح الخيالية التي يحققها القطاع المصرفي ، والتهرب الضريبي من قِبل أنظمة الشركات المتعددة الجنسيات.
وبينما لم تكن هذه التخفيضات بالغة كالمتوقع، لمحت الحكومة إلى نيتها في ضَم إعادة هيكلة جذرية إلى ميزانية العام المقبل. وأُقيم ”تنقيح لمعايير فئة مقدمي التعليم العالي“ مُعلَن عنه مؤخرًا لعقد “استشارة لكل من عامة الشعب وحملة الأسهم بشأن خيارات تغيير فئات المقدِّمين بما في ذلك إمكانية وجود فئة جامعات قائمة على التدريس فقط“. ويعد هذا الاصطلاح إلى حد كبير تشريعٌ للانخفاض الهائل في التمويل المخصص لبرامج البحوث الجامعية.
إن الهدف الأسمى الذي تطمح الشركات التجارية والمؤسسات السياسية إلى تحقيقه على الأمد الطويل هو تنفيذ نظام كامل لمدفوعات المستفيدين يحركه السوق.وقد طُرِحت هذه الفكرة على مهل خوفاً من المقاومة المتولِّدة التي قد تلهب الصراع بين طبقات أخرى من المجتمع.ولكن ينبغي للطلاب وأعضاء هيئات التدريس أن يعوا حقيقة أن المعارك الضارية التي تستهدف الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه التعليم تلوح في الأفق.كذلك فإن تنفيذ استراتيجية ما أمرٌ ضروري، ليس من أجل إحباط سلسلة الإجراءات الأخيرة الخاصة بخفض التمويل فحسب، بل أيضًا من أجل الكفاح لتحقيق رؤية تعليمية تخدم مصالح أغلبية الشعب لا الصفوة الثرية.
حالة التعليم اليوم
يسر الساسة الرأسماليون أن يقولوا كلامًا معسولًا عن أهمية التعليم، ولكنه يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم. ففي عام ٢٠١٥ لم يحقق كل الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة لحركة التعليم للجميع في عام 2000 سوى ثلث دول العالم. إذ لا يلتحق ملايين الأطفال بالتعليم الإبتدائي، وأخرين لا حصر لهم لا يتسنى لهم إختيارات أخرى سوى ترك التعليم ليتمكنوا من العمل ويُكمِلوا دُخولَ أسرهم.
أما الذين يستطيعون تحمل تكاليف التعليم الثانوي أو العالي مثقلون بأعباء مهام التقييم الضاغطة و التي تستغرق وقتاً طويلاً. يُضاف إلى ذلك التأثير المُهلِك الواقع على طلاب الجامعات من الاضطرار إلى تحمل مثل هذه المستويات المرتفعة من الديون. فهناك واحد من بين كل ثلاثة طلاب جامعيين يفكر في الانتحار أو في إيذاء نفسه و ذلك وفقا لما وجدته دراسة أصدرها في إبريل كل من الإتحاد القومي للطلاب ومنظمة الصحة النفسية المسماة بـ (هيدسبيس). ويعد ذلك مؤشرا واحدًا فحسب إلى وجود حالات طوارئ للصحة النفسية للشباب والتي يتسبب بها الضغط الذي يُحدثه النظام التعليمي الرأسمالي.
كان التعليم طريقا مضمونا للتوظيف في فترة الانتعاش الاقتصادي الذي أعقبت الحرب العالمية الثانية. لكن لم يعد هناك اليوم شيئاً من هذا القبيل حتى بعد إتمام التعليم بعد الثانوي.ففي استراليا شريحة نامية من الخريجين المؤهلين تأهيلاً كاملاً والذين يعانون للحصول على وظائف في مجالات من إختيارهم. ونادرًا ما يتعدى الحديث عن هذه المشكلة في الصحافة إقتراحات للحد من أعداد الطلاب المقبولين وذلك بتعقيد شروط القبول مبررين هذا بقولهم أنه لعدم وجود وظائف كافية في المجالات المتقدمة مثل الهندسة، فينبغي أن يكون التعليم العالي قاصراً على القلة المتميزة وحدها. وتتسم الرأسمالية الحديثة بقصورها في إيجاد حلول لأي من هذه المشكلات، فضلًا عن الهجمات الشعواء على أفراد الطبقة العاملة.
دور التعليم في المجتمع الرأسمالي
قبل نشأة المجتمع الطبقي كان التعليم نشاطاً جماعياً متداخلًا بعمق مع الحياة اليومية والتآلُف ورواية القصص وممارسة الطقوس. وكانت المعارف المهمة مثل الأطعمة الآمن تناولها تتناقل شفهيا وبالتوجيه. و قد طرأ على التعليم تغير جذري إثر تقسيم المجتمع إلى طبقات و ظهور تجارة الرقيق منذ حوالي عشرة آلاف عام. ومنذ ذلك الحين احتد الصراع بين مصالح الطبقات المختلفة.
دائماً ما تسعى الطبقة الحاكمة للإبقاء على تعليم تثقيفي جيد لا يبلغه عامة الشعب.ساعد الحد من الوصول إلى الإنجيل الكنيسةَ الكاثوليكية في الحفاظ على سلطة كبيرة في أوروبا في العصور الوسطى. فكانت القدرة على قراءة اللغة اللاتينية حِكرًا على المتعلمين من رجال الدين والنبلاء، الأمر الذي منحهم العنان لتفسير تعاليم الإنجيل بطريقة عززت هيمنة الأرستقراطية الإقطاعية على الفلاحين عبيد الأرض وعلى السكان المساكين.
إن نظام التعليم اليوم في معظم البلدان لم يتغير تغيراً حقيقياً منذ مئتي عام، ويرجع ذلك إلى كونه وليد نشوء الرأسمالية ولأنه أُسِّس لتلبية احتياجات الطبقة الرأسمالية في العصر الصناعي الحديث. كانت الثورة الصناعية في بداية الأمر هي التي حركت الحاجة إلى مستوى خبرة مبدئي في العاملين. وكان النمو الإداري، لاسيما في القرن العشرين، عاملاً أساسياً وراء الدفع إلى معايير عالمية للقراءة والكتابة.
وقد أوضح المنظِّران الماركسيان نيكولاي بوخارين ويفجيني بروبرازنسكي في البيان البلشفي: كتاب مبادئ الشيوعية The ABC of Communism، ما اعتبراها المهامَ الثلاث الرئيسية للمدارس في ظل الرأسمالية. وربما يدرك هذه السمات كثير من الذين خاضوا تجارب تعليمية غير سارَّة.
أولي هذه السمات “غرس ثقافة الإخلاص و الولاء للدولة الرأسمالية في الجيل الصاعد من. العمال.” ومن ثم يتضح دور المدارس بوصفها وسيلة دعاية وتدريب على نقل هذه الأفكار.فيتعلم الأطفال منذ نعومة اظافرهم الخضوع للأوامر المتمثلة في الاصطفاف خارج الفصول، وعدم التحدث في الفصل، و ارتداء الزي المدرسي ،و إتمام جميع الواجبات المنزلية المطلوبة، وطاعة المعلم، إلى غير ذلك. و يفتقر هذا الإطار إلى التفاعل الإجتماعي و تعلم المهارات الحياتية.
وببراعة أكبر، يعلم نظام التعليم الأطفال ألا يستخدموا التفكير النقدي؛ فدروس التاريخ تمر مرور الكرام على الأحداث التي من شأنها جعل العقول الشابة تتساءل عن ماهية الوضع الراهن، مثل: الإبادة الجماعية للشعوب الأصلية أثناء الإستعمار. و تدخل الدعاية لهذه الأفكار بالقوة في طقوس كثيرة منها ترديد النشيد الوطني في التجمعات المدرسية. أو وعد الولاء كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.
و ثاني مهام التعليم في ظل الرأسمالية هو تكوين جيل جديد من المديرين والمتحكمين في الشعب العامل من الطبقة الحاكمة. حيث يتمرس الأطفال منذ صغرهم في مدارس الأثرياء الخاصة والمختارة بعناية على إعتبار أنفسهم قادة يستحقون النجاح و أنهم أفضل من الآخرين، وينشأون على دراسة مواد كالقانون والتجارة، ليصبح معظمهم رؤساء وقضاة وسياسنين موثوق بهم ويكونون مؤمنين بأن النظام قد أُنشئ لصالحهم.
أما عن ثالث مهام الرأسمالية فهو احتياج أرباب العمل إلى قوى عاملة تتمتع بالمهارات الضرورية لأداء العمل الذي يحقق لهم الربح. وهذا هو الدور الأساسي للدورات المهنية التي تُقام كل مدى على أساس هدفه الربح. هناك أيضًا الحاجة إلى باحثين وعلماء يمكنهم إيجاد منافذ مُربحة للإستثماركالتكنولوجيا الحديثة والإعلانات التي يمكنها مساعدة الرأسماليين من تحطيم منافسيهم عن طريق خفض التكاليف.
نظراً لهذه المتطلبات، فإن نظام التعليم النموذجي من أجل التأهيل للعمل في شركة كبيرة شبيه مشابهة مرعبة بالنظام المعمول به في الوقت الحالي؛ إذ يلتحق الأغلبية بالمدارس الحكومية العامة والكليات المهنية ليتعلموا أن يصبحوا عمال. وعلى النقيض يلتحق أطفال الطبقة الثرية بالمدارس الخاصة ذات الصفوة حيث يتم تنشئتهم ليصبحوا مالكولم تورنبول الجيل القادم. أما الطبقة الوسطى فنجد فيها الاخصائيين والباحثين التقنيين الذين تُعرِّضهم متطلبات العمل لضغوط متزايدة.
التعليم المجاني بوصفه نتاجًا للصراع الطبقي
لطالما كان التعليم مصدر قلق رئيسي للطبقة العاملة منذ أن أصبحت تشكل قوة سياسية. وتعد الحركة الميثاقية التي ظهرت في إنجلترا في اربعينيات القرن التاسع عشر واحدة من أوائل المعانات التي خاضتها الشعبية العمالية. كافحت هذه الحركة من أجل تحسين ظروف العمل،والحصول على حق العمال في التصويت.كما طالبت أيضاً بتوفير نظام تعليم جامعي مجاني للجميع، و طالبت بوضع حد للنظام التعليمي الصارم و الفظ السائد في المدارس الحالية. وقد سعت مجتمعات الطبقة العاملة إلى الاستنارة في مجالات العلوم والثقافة التي كانت بعيدة المنال في السابق.
اعتمد نجاح التعليم الثانوي المجاني في استراليا على التشدد المتزامن من كل من الحركات الطلابية والعمالية.فانتفض أفراد الطبقة العاملة انتفاضاً هائلاً في أواخر الستينيات و أوائل السبعينيات في جميع أنحاء العالم، وخرج الملايين في مسيرات مناهضة لحرب فيتنام، ومطالبة بتحرير المرأة و بوضع حد للعنصرية. و تحدتّ الحركات الإستقلالية الحكم الاستبدادي الذي تمارسه القوى الغربية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.أما في تشيكوسلوفاكيا فقد ثار العمال ضد طغيان الديكتاتورية الستالينية (حركة ظهرت في منتصف عشرينيات القرن العشرين، و نُسبت لقائدها جوزيف ستالين). وفي أوج هذه الفترة من حركات التمرد، وقد تأثرت بلدان كثيرة منها فرنسا، وتشيلي، والبرتغال بالثورات التي ظهرت مباشرةً بعد انتهاء الرأسمالية.
غذت هذه الحركات الجماهيرية المذهلة ثقة عامة الشعب الاسترالي و أقنعته بضرورة الكفاح من أجل إصلاحات جادة. و تعد النقابات انعكاسًا للقوة التي امتلكها الشعب منذ أربعين سنة عندما تجلت قدرة العمال على تعطيل الإنتاج. وكانت الإضرابات العمالية و الطلابية في الجامعات أسبوعية في بعض الأحيان. ونتيجة لضغط الرأي العام ، وقوة الحركة الطلابية أُرغِمت الحكومة بقيادة رئيس حكومة العمال ويتلام في ذلك الوقت على إدخال التعليم المجاني و ذلك في عام ١٩٧٤. وكان هذا جزءً من سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى ردع الأجواء التي تزايدت فيها العنصرية.
وكانت نهاية الانتعاش الاقتصادي عقب الحرب و ظهور الأزمة الإقتصادية في منتصف السبعينيات بمنزلة نقطة تحول. وعلى الرغم من تحقيق الحركات الشعبية في السنوات الماضية بعض المكتسبات المهمة، فإنها فشلت في إسقاط النظام الرأسمالي نفسه. فتجد الصفوة من رجال الأعمال يصممون على التراجع عن السياسات التي تنقص قدرتهم على الربح وإبطالها. وقد نفذت حكومة العمال برئاسة هوك هذه الأجندة في ثمانينيات القرن الماضي و ذلك بتقديمها خطة المساهمة في التعليم العالي HECS التي تجعل الطلاب يدفعون رسوم دراسية مرة أخرى مقابل التحاقهم بالجامعة. كما شهدت العقود اللاحقة اختراقاً تدريجيًا لكل مستويات التعليم العام من قِبل الحكومة الفيدرالية وحكومات الدول، بالإضافة إلى فقدان الوظائف وإغلاق المدارس ودمجها و انقطاع الدورات التدريبية.
واليوم، تتفق كل الأحزاب الأساسية على أن التعليم أداة ممكنة للشركات التجارية من أجل الربح وهدفًا مشروعًا يسمح للتخفيضات برأب الصدع الموجود في الميزانية الفيدرالية. وقد حركت هذه المخاوف جُملة التعديلات التي أُدخِلت على نظام التعليم منذ الثمانينات.
ومع ذلك هناك نطاق ضخم لتنظيم المقاومة كما حدث في إتحاد الطلبة الإسباني ذلك النموذج العالمي والملهم الذي قاد العام الماضي إضراباً يضم نحو مليوني طالب اعتراضاً على سلسلة من الإجراءات المضادة للإصلاح التي تدعمها الحكومة الإسبانية المحافظة.و دعم الآباء و المعلمون وعامة الشعب هذا الإضراب التاريخي لذا اضطرت الحكومة إلى التراجع حتى لا تواجه هذا البرهان الجازم على غضب الطلاب. تثبت هذه الأحداث و مثيلاتها أنه يمكننا النصر إذا كافحنا.
إن الحكومة الفيدرالية الحالية بالغة الضعف فهي لا تمتلك إلا مقعدًا واحدًا في مجلس النواب في البرلمان وتمثل أقلية في مجلس الشيوخ؛ فإذا حذونا حذو التكتيكات النضالية في الستينيات و السبعينيات يمكن أن نشكل ضعظاً هائلاً على الحكومة و بذلك تتخلى عن التغيرات التي أجرتها و تخلق الدعم الشعبي لإجراءات مثل مجانية التعليم الثانوي. ولكن الرأسمالية الراكدة حاليًّا، عكس فترة السبعينيات، لم تعد قادرة على الحفاظ على إصلاحات جادة دون الدخول في صراع مع المصالح الربحية للطبقة الرأسمالية. كذلك فإن تأمين التعليم المجاني على المدى الطويل يقتضي المضي إلى ما هو أكثر: إنهاء الحكم الطفيلي للأغنياء ونقل المجتمع إلى الصفوف الاشتراكية.
النهج الإشتراكي في التعليم
استطرد الماركسيون في تناول الشكل الذي يجب أن يكون عليه التعليم في المجتمع الإشتراكي، وأوضح كارل ماركس بنفسه أهمية ربط ما يُدرَّس في المدارس بالجوانب العملية من الحياة اليومية والعمل. فقد كان مؤيداً لنظام أطلق عليه اسم” تعليم الفنون التطبيقية“. و بعيداً عن همجية عمالة الأطفال على الطريقة الرأسمالية، فقد رأى أن هذا النظام وسيلة لجعل الدروس محسوسة، وذلك عن طريق إشراك الشباب في عملية الإنتاج.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن نضيف لوحدة ما في مادة الكيمياء بعض الزيارات الميدانية إلى المختبرات والمصانع الحقيقة.وهذا سيتيح للطلاب فهم قيمة ما يتعلمونه، والقضاء على رتابة الفصل بالمهام التفاعلية، وتقديم مفاهيم مهمة مثل السلامة في أماكن العمل في سن صغيرة.
حاول الحزب البلشفي أن يطبق هذه الأفكار في الفترة التي تلت الثورة الروسية. وأعلن البلاشفة عن تغييرات جذرية في نظام التعليم بعد عدة أيام فقط من توليهم السلطة في عام ١٩١٧ وسط تأييد واسع من العامة. ولم يلبثوا أن أدخلوا نظام التعليم المجاني الإلزامي، وفتحوا مئات المدارس الجديدة في جميع أنحاء روسيا في السنوات التي تلت هذا التغيير.
وقد وُسِّعت عملية الإصلاح الشامل مع صدور قرار ʼمبادئ العمل المدرسيʻ عام ١٩١٨، الذي يهدف إلى تغيير الثقافة المدرسية ووضع حد لكل ما هو إجباري من الواجبات المنزلية والامتحانات والأزياء الرسمية المدرسية، وتمكين المجتمع من تطوير المناهج الدراسية.كذلك أُجريت حملة شعبية لتشجيع النساء على الثورة على أعمالهن المنزلية والامتثال لمزيد من الدراسة والتعلم.
لكن للأسف تُركت الثورة الروسية وحدها عندما فشلت الحركات الثورية في دول أخرى في أوروبا. وناضل العمال الذين نُهِبوا جراء الحرب و المجاعة لتوفير أقوات يومهم للبقاء على قيد الحياة، ناهيك عن المشاركة في النظام الثوري الديمقراطي الذي وُضعت أسسه. دعمت هذه الظروف القاسية نمو بيروقراطية مضادة للديمقراطية تمثلت في ستالين، الذي بعد توليه السلطة وطدت ديكتاتوريته أركانها، وذلك من خلال إعادة إدخال جميع وسائل التدريس القديمة الوحشية الرأسمالية.
لكن بعد مرور مائة عام ستظل فترة بداية الثورة نموذجاً رائعاً لما يمكن أن يكون عليه نظام التعليم الإشتراكي. و ستسمح الإجراءات التي اتخذها الحزب البلشفي للطلاب بالازدهار التام، إذا نُفِّذت في بلاد متقدمة إقتصادياً مثل استراليا.
مبادئ الحزب الإشتراكي
- نهج نضالي من أجل الدفاع عن التعليم ضد الهجمات التي يتلقاها، وذلك بأعمال التجمهر والإضراب التي ينفذها الموظفين و الطلاب.
- تعليم مجاني يشمل كل مراحل التعليم، بداية من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى رعاية شعبية مجانية للأطفال لتخفيف العبء على أولياء الأمور.
- إلغاء التقييم والاختبار الإجباري، لتكون التقييمات قائمة على أساس التفاعل داخل الصف، مع وجود دورات للجامعات المفتوحة تكون متاحة لكل من يرغب في الدراسة.
- مجالس مُنتخبة من هيئات التدريس والطلاب و أولياء الأمور لتخطيط المناهج بديمقراطية وتقديم التمويل حسب الحاجة لكل متطلبات الدورات و البحوث. والقضاء على جميع التخفيضات وإعادة كل الخسائر في الوظائف.
- إستثمار كبير عام في البنية التحتية والإسكان و البحث العلمي و الفنون لخلق وظائف جيدة للجميع مع توفير تدريب مدفوع الأجر إذا لزم الأمر.