نسمات في شخصية عبد الملك زرزور

Comments 0

“إبراهيم ميخافش إلا من الغشيم، والغشيم يا إما هيموتك أو هيزنقك تقتله.. إكمن الحكومة تصدر لك قفاها في أيتها حاجة حتى لو دخلت لها مشقوق نصين. الصياعة إنك تعور متموتش، تشرط سطحي متغزش.. تكسر عين اللي قدام منك وتقلبه مرة وتخليه يمشي وسط الناس وعلى قورته توكيعك.
إنما دول… دول الزرازير.”

بهذه الكلمات الشعبية الأسطورية الساحرة قد وصف النجم عمرو واكد “العشري” عصابة الزرازير في مطلع فيلم إبراهيم الأبيض.

“حد ليه شوق في حاجة”  هكذا بدأنا نسمع عن ملك الزرازير “عبد الملك زرزور” الأسطورة الشعبية التي خشى منها الجميع منذ بداية فيلم إبراهيم الأبيض.. في منتصف المعركة الدائرة وثورة كبيرة تحدث في الأرض بينما إبراهيم الأبيض واقفًا في المنتصف بين أفراد عصابة الزرازير يأتي صوت الرصاص المتصاعد إلى الهواء، صمتٌ يخيم على الأجواء، أعتقد أن هذه الحالة من الصمت الممتزج بالهدوء سيطرت على أجواء التصوير أيضًا حتى تبعتها حركة الكاميرا تجاه محمود عبد العزيز وهو ينظر بطريقة ممتلئة بالثقل الفني الممتزج بالخبرة داخل القصة المكتوبة، تجدهم ينتظرون حتى يتحدث هذا الشخص الذي لا نعلمه حتى الآن وهو يتحدث قائلًا: “حد ليه شوق في حاجة!؟”

في قانون عبد الملك زرزور قوانين عديدة من بينها:

–         “أنا حييتك مرتين”

تظهر فكرة الإله الذي يتم تصديره من قبل هذه العصابة إلى ملكهم عبد الملك زرزور الذي أصابه غرور العظمة وأصبح يتحدث بلهجة فرعون “أنا ربكم الأعلى” والذي ظهر فى هذا المشهد على مرحلتين:

الأولى.. كانت عندما أخبر إبراهيم أنه أحياه مرتين، في المرة الأولى عندما قام إبراهيم بقتل الرجل الذي تسبب في مقتل أبيه حيث تركه عبد الملك زرزور بدون أن يعلم إبراهيم نفسه بما حدث.

والمرة الثانية.. كانت هذه المرة عندما اقتحم إبراهيم وكر الزرازير بكل جرأة حتى يحصل على الكيس الذي سرق منه من قِبل سيد شيبة.

والثانية ظهرت عندما قال عبد الملك زرزور “وزي ما قال سيد شيبة الله يرحمه” وحينها لم يكن سيد قد مات لكنه مات عند انتهاء جملة عبد الملك، وفي هذا تصدير لنفس الفكرة التي تحدثت عنها منذ قليل.

–         “روح هات الكيس يا شيبة” عندما أخبره إبراهيم أن شيبة لديه كيسًا قد سرقه منه، لم يسأله عبد الملك إن كان قد سرقه أم لا لكنه علم ذلك من طريقة تحدث شيبة والتي اتسمت بالمغالطات الممتلئة بالأكاذيب، حينها قال له: “روح هات الكيس يا شيبة” ولم يكلف نفسه عناء السؤال فقط أمره بأن يجلب الكيس.

أيضًا عندما قام إبراهيم بقتل الغنام أحد رجاله في المكان المهجور وأراد أن يعلم إن كان إبراهيم هو المتسبب أم لا فسأل إبراهيم سؤالًا غريبًا “تفتكر إيه اللي حصله ده” رد إبراهيم بطريقة مترددة: “ده تلاقيه يا سيد المعلمين…” فما لبث أن قاطعه عبد الملك قائلًا: “أنا قلت كده برده” عندها علم أن إبراهيم قد قتله لأنه قد خان الأمانة التي ائتمنه عليها عبد الملك لأن ابن ملك الزرازير قد اتفق مع الغنام على إبراهيم وقرر أن يطبق الحد على ابنه لأنه قد خالف أوامره.

–         “جرى إيه يا أبو الأصول”  أنت عندما يقتحم عليك أحدهم منزلك في حين تناولك لوجبة الغداء وفي يده خنجر فماذا ستفعل؟ منا من يصاب بالصدمة ومنّا من يتهور ويفقد نفسه ومنّا من يقتل نفسه من الخوف… لكنك تتحدث عن عبد الملك زرزور الذي لم يحرك ساكنًا بل قال كلمة واحدة حتى يقطع المشهد على إبراهيم الأبيض ويصبح الطرف الأقوى حتى وإن كان الخنجر على رقبته: “جرى إيه يا أبو الأصول هناخد صورة تذكارية ولا إيه؟” وقتها رأينا اهتزازًا يظهر على إبراهيم الذي قرر أن يغادر المنزل مباشرةً بعد أن قال ما يريده ثم ذهب.

نقطة ضعفه الوحيدة:

نقطة ضعفه الوحيدة كانت حورية، الفتاة التي كانت تقتله بطريقة باردة حيث أحبها حبًّا شديدًا، وهنا رسالة واضحة أن الحب لا يعلم ظالم أو مظلوم، الحب هو الحب، شعور يسيطر عليك بشكل يجعلك تفقد السيطرة بشكلٍ تام. حب عبد الملك زرزور لها كان يصيبه بالاكتئاب حين ترحل من أمامه، يتركها تفعل ما يحلو لها إن قامت بضرب أحد الزرازير يتركها تفعل ذلك دون أن يتحدث إليها فى حين أنه كان يعاقب أي شخص يفكر في الاقتراب من أفراد عصابته.

حورية أحبت إبراهيم في حين لم تلتفت إلى حب عبد الملك أبدًا وظلت لفترة متلاصقة ناحية إبراهيم حتى علمت بأنه قد قتل أباها، ولم تغفر له أنه قد فعلها بسبب أبيه فقط وهنا قررت أن تهب نفسها لعبد الملك في مقابل أن يساعدها في الانتقام من إبراهيم مرةً بوضعه في السجن، ومرةً أخرى بتحريض صديقه العشرى ليقدمه للزرازير كي يعطوه درسًا لا ينساه… حينها وفي لحظة ضعف قرر العشرى أن يبيع إبراهيم لكنه دفع الثمن بحياته وحين رأت حورية إبراهيم يُقتل لم تستطع السيطرة على نفسها وذهبت مسرعة إليه، وعندها ظهر الإخلاص في الدفاع عن القضية من عبد الملك زرزور.

قال لها ببساطة: “أهون عليكِ.. تهوني عليّ!” وقررت حورية أن تذهب خلف قلبها ليقرر ملك الزرازير بقتلها في مشهد دموي تحول إلى دراما حزينة، عندما يبكي شخص لديه من الشر ما يكفى برشية بأكلمها… الحب قد جعله يبكي لكنه لم يستطع أن يكف عن مواصلة طريقه.