تحليل لقصيدة الشيخ الحاج مقدم محمد الأوّل في الاستغاثة
نص القصيدة
ربي إلاهـــــــــــــــــــي كـــــــن لي معيـــــــــــــــــــــــــن يا من ينجـــــــــــــــــي المســــــتـــــضعـــــفــــــــيـــــــن
بـــــــالـــــــــــعــــــــــــفــــو كـــــــــــن لي مــــــــــستـــــــــعان يــــا من يـــــــــــــــــــــولي الصـــــــــــــــالــــــــــحيــــــــــــــــــن
بك الخـــــــــــــــطـــــــــوب تــــــــــزول يـــــــــــــــا من دونـــــــــــــــــــــــــه مـــــــــن زائـــــــــــــلـــــــــــيـــــــــــــــــــــــن
أمن يجـــــــــــــــــــــيــــــــب إذا دعـــــــــــــــوه دونــــــــــــــــك ربــــــــــــي المــــــــــــضــــــــــــــــــطريـــــــــــــــــن
نؤمــــــــــــــــــــــن حـــــــــــــــــــقًا بـــــــــــــك ولا نعبـــــــــــد غيـــــــــــــــــــــرك ذا الــــــــــــــــــمـــــــتيــــــــــــــــــــــن
نــــــــــــــــشـــــــــــــــــــرك لا بـــــــــــــــــك أحـــــــــــــــــــــــــــدًا مــن كائــــــــــــــن مــــــــــهمـــــــــــــا يــــــــــــــــكــــــــــــــــــون
يــــــا خالـــــــــــــــــــــق الـــــــــــكـــــــــــون أجمعــــــــــيـــــــــــــــــــن يــــــــــــــــا رازق الخــــــلــــــق أكتـــعــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــن
مـــــــالا يــــــــــــــــضــر ولا يـــــــــــــجــــــــــــــــود لــــــــــــــــــــســــــــــــــــــنا له من عابـــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــــــــــــن
ســـــــــــــــراؤنــــــــــــــــا ضــــــــــــراؤنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مــــــــنك إليـــــــــــــــك نــــفـــــدي الـــــبــــــــــــــيـــــــــــــــــــــان
ســــــــــل تـــــــعط وعد منك إلـــــــــيـــــــنا وقد ســــــــــــــــألـنــــــا آت الـــــــــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــون
نرجـــــــــــــــــــــــــــــوك أن تـــــرزقـــــــــــنــــــــــا عــــــــــلمًـــــا قــــــــــــــنــــــــــــا شـــــــــــــــــــــــرا الـــــــــــــزمــــــــــــــــــــــان
يــــــــــــومًا يــــكـــــون الـــطــــفــــل شـــــيـــــــبا أعــــــــتـــــــــــــــــق رقــــــــــابــــــــــــــــــــنـــــــا مــــــــــــن نــــيــــــــــــــــــران
أفـــــــدي حـــــــــيـــــاتي كـــــــــــــلـــــــها أدعـــــــــــو بـــــــــــهـــا الـــــــــــنـــــــاس للـــــــــــيـــــــــــــــقـــــــــيـــــــــن
لم أدعـــــــهــــــم بـــــــــــل للـــــكـــــــتاب ســـنــــــــــــة خيـــــــــــــر الـــــــمــــــــــرسلـــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــن
ضــــــمـــــمتـــــــهـــــــــم إلى الــــتــــــوحــــــيــــــد والحــــــــــــــــــــــــج وصــــــوم رمــــــــــــــضـــــــــان
رعـــــتـــــهـــــــمـــــــــوا إلى الصـــــــــــــــــــلاة إلى الزكـــــاة للـــــــمـــــضـــــــــــــــــــــطـــــــريـــــــــــــــــــن
رب مـــــــنــــكـــــر کـــم ظـــــــــــــــــــالم أرجــــــــــــوك في قـــــــــــــــــــمـــــــع الظــــــــــــــــــالـــــــــــمـــــــــــــيــــــــــــــــن
ومارجــــــــــــــــــــاك مـــــــــــــن مـــــــــــــــــــــــدقــــــــع إلا وآب مــــــــــــــلء الـــــــيــــــــــــــــمـــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــن
أنت رجـــــــــــــائي أنت منــــــــــانــــــــا يــــــــــــــــســـــــر أمــــــــــــــور الـــــــــــمــــــــــدقــــــعـــــــــــيـــــــــــــــــــــــن
نمــــــــسی ونــــصــبح بالرجـــــــــــــــا فـــــــــــلا تـــــــــــــردنــــــــــــــــــا خـــــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــبــــــــــــيــــــــــــــــــــــــــــن
تــــعــــلـــــم كـــــــــــــــل ما في الــــــــفـــــــــــــؤاد من مــــــــــــــعــــــلـــــــــــــــن ومن مــــــــــــــــــــــصـــــــــــــــــــون
أجب لنـــــــــــــا بالبــــــــــــــــــركـــــــــــــــــات واليــــــــــــــمــــــــن يــــا خـــــــيـــــــر من يـــــعـــــــــــــــيــــــــــن
رام العــــــــــــــــــدا في تدبـــــــــــــيــــــــــــرهم تدمــــــــيـــــــــــر من قــــــــــــــــام باليـــــــــــــــــــــــــقــــــيـــــــــــــــن
حيـــــــــــنًا يخونوا، طورًا يــــشنـــــــــــــوا کــم مكــــــــــــــروا أم کــــــــم ما يـــــهـــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــن
مـــــــــــــــــكّر لهـــــــــــــــم ردّ كــــــــــــــــيــــــــدهـــــــــــــم وأنت خــــــــــــــــــــــيـــــــر المـــــــــــــــــاكريـــــــــــــــــــن
أمنن علينا بارك عليـــــــــــــــنا طــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــب لنا خــــــــــــــــيـــــــــــــر المـــــــــــــــــــــــــــنـــــــــــان
لاحـــــــــــــــــــول لا قــــــــــــــــــوة لنــــــــــــــــــــــا إلا بك العـــــــســـــــــــــــر يــــــــــــــــســـــــــــــتــــــــلان
رمـــــت إلهي عـــــــــــــــفــــــــو الـــــــــــــذنـــــــــــــوب فيما مضى ومالا يـــــــــــــــحـــــيــــــــــــــــــن
أبـــت إليــــــــــــــــــــك تـــــــــــــــــــــــــبت إليك يا قــــــــــــــابل توب الــــــــــــــــــــتــــــــائبـــــــــيـــــــــــــــن
حـــــــــقــــا ســـــــــــــواك من غـــــــــــــافر ما للـــــــــــــعبــــــــــــــاد مـــــــــن كائــــــــــــــــــنـــــــــــــــــــيـــــــــــــن
مـــهما تكـــــــــــــــــون زلاتنــــــــــــــــــا فأنت أرحـــــــــــــــــــــــم الراحـــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــيــــــــــــــــــــن
يا غـــافـــــــر الذنب اغـــــــفــــــر لنا وتب علــــيــــــــــنا مـــــــــــــــنــــــــــــــعـــــــــــــــمـــــــــــــــيــــــــــــن
نــــرجــــــــــــو الــــــــــــــصــــــــــــــــلاة ثــــــــم الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام على إمــــــــام الــــــــمــــــرســـــــــلــــــــيـــــــن
تمت القصيدة بحول الله
المقدمة
لم يكن علماء النيجرية معروفين بنسج الشعر وإنما هم دعاة إلى الإسلام بالتدريس أبناءهم الإسلام الحنيف الصحيح، والتصوّف النقي، بيد أننا نجد جلهم يقرضون في المناسبات وبعضهم يقرضون في الخلوة كالأساتذة وشيوخ الطرق الصوفية، وكل يقرض حسب خلفياته العلمية ورغباته أو ميولته الدينية من دون قيد ولا إكراه من الدولة.
فهذه القصيدة الماثلة بين أيدينا تنتمي إلى حقل الصوفي، وهي للشيخ محمد الأوّل، ومن هذا الشيخ؟ وما الغرض في نسجه هذه القصيدة؟ وكيف وظف الشيخ ألفاظ القصيدة لتكون مناغمة مع حاله وقتئذٍ؟
نبذة عن صاحب القصيدة
يجدر بي أوّلا-قبل الشروع في التحليل-أن أحيطكم علما بهذا الشيخ الجليل، وإن كانت الصفحات لا تفي بقدر هذا العلامة الصوفي الرباني النحرير الخليل عند ربه الجليل. فالشيخ:
هو الحاج المقدم محمد الأوّل بن عبد الله أينلا أوطولورن. ولد شيخنا عام 1926م في بيت عريق في العبادة والتصوف بمدينة أوموبو بولاية كوارة نيجيريا {Omupo Kwara State Nigeria}.
حركته العلمية والعملية
أخذ القرآن من يد الشيخ صلاح الدين أنيالانا، ثم تتلمذ على يد الشيخ العارف بالله باباتا، وقبل وفاة شيخه هذا، كان يتخلف إلى الشيخ الإمام عمر أباجي للاستزادة من العلوم الشرعية، ثم وفقه الله تعالى إلى مصاحبة الشيخ العارف بالله أبو بكر الفلكي الكنوي أخذ على يديه جميع الفنون والآداب.
أخذ شيخنا ورد الطريقة التجانية من يد الشيخ بلارب الكنوي عام 1941م، ثم جدد البيعة لهذه الطريقة على يد الشيخ عمر الفلكي الكنوي المذكور أعلاه. وفي عام 1953م التقى سماحة شيخ الإسلام أبى الفيضة الحاج إبراهيم إنياس بن عبد الله بالعناية السابقة والتوفيق الخاص فأعطاه لقب المقدم للطائفة التجانية ثم أجازه في أن يأخذ الناس البيعة على يديه للدخول في الطريقة التجانية، وبذلك جمع شيخنا بين الحسنين {العلوم الشرعية والطريقة الصوفية}
أدى شيخنا فريضة الحج والعمرة سنة 1958م، واستمر يحج ويعتمر كل عام حتى عام 1979م، وكان فضيلته خلال هذه السنوات يعمل في وكالة السفريات لحجاج بيت الله تعالى والمعتمرين، وهي شركة أسسها بنفسه ومسجلة لدى الحكومة النيجيرية الفدرالية، وقد قدم خدمات جليلة لحجاج بيت الله تعالى والمعتمرين عبر هذه الشركة المتواضعة.
وفى عام 1945م أسس جمعية خدام الإسلام، ثم أسس معهد الدراسات الإسلامية في عام 1962م. وفى عام 1966م أسس جمعية اتحاد أنصار الفيضة التجانية.
شارك شيخنا المقدم محمد الأوّل في عدة من المؤتمرات الإسلامية فى العالم العربي الإسلامي، بدعوة من حكومة المملكة المغربية، اشترك الشيخ في ندوة الطرق الصوفية المنعقدة في المغرب عام1985م، وألقى بها محاضرة بعنوان: الحركة التجانية في نيجيريا. ثم وجهت له دعوة أخري عام 1989م للمشاركة في الدروس الحسنية الرمضانية، كما تلقى دعوة مماثلة في عام 1992م. وهو عضو في رابطة العالم الإسلامي.
وزار الشيخ عددا من البلاد العربية مثل القاهرة وسوريا والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية، كما اتصل بعلماء الإسلام شرقًا وغربًا.
أولاد الشيخ
فضيلة الشيخ الدكتور إسحاق محمد الأوّل، فضيلة الشيخ الدكتور أحمد التيجاني محمد الأوّل، فضيلة الشيخ المرحوم إبراهيم محمد الأوّل، فضيلة الشيخ محمد الهادي محمد الأوّل، فضيلة الشيخ المرحوم علي سيسي محمد الأوّل، فضيلة الشيخ محمد بن محمد الأوّل، فضيلة الشيخ محمد الأوّل بن محمد الأوّل.
تلاميذه وأتباعه
للشيخ تلاميذ وأتباع كثير، أذكر منهم:
فضيلة الشيخ الحاج الدكتور مرتضى بوصيري، فضيلة الشيخ الحاج محمد الرابع عبد المالك أديبايو {baba loworo}، فضيلة الشيخ الحاج أحمد التجاني إدريس {الكيتوي}، فضيلة الشيخ عبد القادر أودولويي، فضيلة الشيخ الحاج منصور كايودي محمد الرابع
تلاميذه وأتباعه كثير جدا وهذا مما يدل على عظم شرفه وقدره لدى رب البرايا والورى معا، علما وحلما.
تحليل القصيدة
المدخل:
هي قصيدة الاستغاثة والمناجاة المنسوجة بحروف الآية الكريمة {إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} المسبوقة بربي
وحدات النص… في النص ثلاث وحدات:
- مناجاة رب العزة بأسمائه العليا
- تمجيد …
- تشوق إلى رحمة الله
خصائص النص الفنية:
أما ما يخص البنية الإيقاعية:
الإيقاع الداخلي: يتضمن التكرار والتوازي، والشيخ استعان بالتكرار والتوازي والترجي ولقد قام بتكرار عدة من الحروف منها يا، من، … أما تكرار الألفاظ، فقد كررت لفظة أنت، إلهي…
وحدات القصيدة:
وحدة من البيت الأول إلى البيت الرابع استهلَّ بها الشيخ قصيدته وتتضمن اعتراف بعظمة الله وإجلال قدرته على عباده الضعفاء، وأومأ الشيخ في هذه الأبيات غرضه في نسج هذه القصيدة.
وحدة من بيت الخامس إلى بيت العاشر: يبوح الشيخ بعقيدته الصحيحة، وإيمانه القوي بالله الواحد الأحد، ويعترف بكونه الخالق الوحيد غير مخلوق بأحد، واستخدم الشيخ أسلوب الرباني في عدم انتساب الشر إلى الله مطلقا حيث قال في بيت الثامن والتاسع:
” مـــــــالا يــــــــــــــــضــر ولا يـــــــــــــجــــــــــــــــود لــــــــــــــــــــســــــــــــــــــنا له من عابـــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــــــن
ســـــــــــــــراؤنــــــــــــــــا ضــــــــــــراؤنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مــــــــنك إليـــــــــــــــك نــــفـــــدي الـــــبــــــــــــــيـــــــــــــــــــــان”
ولم يقل كما قال في البيت ما قبله حيث يناجيه بأسماء الحسنى وصفاته العلي وانتسب إليه جميع المحامد ” يا خالق الكون”، “يا رازق الخلق”
وبعد ذلك انشرح الشيخ في صميم ما نسج القصيدة لأجله وهو تضرع وتذلل وطلب المغفرة والعصمة وبوح حوائجه لله القادر على كل الشيء.
أما الإيقاع الخارجي، فهو إيقاع خاص بالتفعيلة التي اعتمدها الشاعر لبناء قصيدته لتلائم مع حالاته واضطرابات النفسية والروحية التي يعاني منها حينئذ.
تقطيع البيت إلى وحدات صوتية: أي كتابته حسبما يلفظ وهو ما يسمى بالكتابة العَروضية مثل:
ربي إلهـــــــــــــــــــي كـــــــن لي معيـــــــــــــــــــــــــن يامن ينجـــــــــــــــــي المـــــــســــــــــــتـــــــضعـــــــفــــــــيــــــــــــــــــــن
تكتب كالتالي:
رببي إلاهي كن لى معينن
مستفعلاتن مستفعلاتن
حالة الشيخ أثناء التقريض هذه القصيدة غير حالة العادية بل هو في عالم أخرى تكل الألسن بوصفها، ولذا لم يوظف الشيخ أي بحر من أبحر ستة عشر، ونعم وقد نسج القصيدة وهو في حال غير حال… ومثال على ذلك في القصيدة يتمثل في:
أجب لنـــــــــــــا بالبــــــــــــــــــركـــــــــــــــــات واليــــــــــــــمــــــــن يــــا خـــــــيـــــــر من يـــــعـــــــــــــــيــــــــــن
ويساهم الإيقاع في تأكيد المعاني وترسيخها في ذهن المتلقي وتحقيق انسجام موسيقي خاصة، ويبرز كذلك الاضطراب النفسي الذي يعيشه الشاعر.
المحسنات البديعية:
أما فيما يتعلق بالمحسنات البديعية، فنجد حضور إرداف الخلفي{oxymoron} في القصيدة حيث استعمل كلمة وضدها في البيت التاسع “سرائنا ضرائنا” ونجد كذلك الجناس والترصيع في القصيدة، فالجناس هو اتفاق أو تشابه كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى، وهو نوعان: جناس تام، وجناس ناقص، وقد حضر في القصيدة الجناس ويتمثل في المثال الآتي: أبت تبت تدبير تدمير، أما الترصيع، فهو تشابه نهاية الشطر الأول مع نهاية الشطر الثاني في البيت الأول، وجاء الترصيع في البيت الأول:
ربي إلهـــــــــــــــــــي كـــــــن لي معيـــــــــــــــــــــــــن يامن ينجـــــــــــــــــي المـــــــســــــــــــتـــــــضعـــــــفــــــــيــــــــــــــــــــن
الخاتمة
وعموما فالقصيدة الموجودة بين أيدينا للشيخ محمد الأول هي قصيدة غنية بالصور البلاغية والمحسنات البديعية، وحافظت على أهم خاصية وهي اللغة الدعاء التي يمتاز بها الشيخ، واستهل الشيخ قصيدته بكلمة رب الدالة على الخشوع واستسلام التام لله جل جلاله.