أنا بيب جوارديولا
نقطة ومن أول السطر، يبدأ “بيب جوارديولا” موسمه الثالث مع مانشستر سيتي كأحد غزاة البريمرليج. في المقال الثامن من فلسفة بيب جوارديولا نتحدث عن هذا الموسم، وما قدمه الفيلسوف مع السيتي ليواصل مسيرته…
جوارديولا يغزو الدوري
من البداية وبدون أية مقدمات، السيتي تعامل مع الدوري على أنه غولٌ كبير يخشى الآخرون مواجهته، مقابلته هي أمرٌ صعب، التصدي له هو أحد مستحيلات كرة القدم، جوارديولا يصل لقمة عطاء الفريق في فترةٍ من الممكن أن نصفها بأن لاعبي السيتي قدموا كل ما لديهم لأجل فلسفة بيب، من أفكار ومجهود بدني وتدريباتٍ قاسيةٍ للغاية، فماذا نتج عن هذا الموسم؟
قصة الصفقات
جوارديولا قرر أن يدعم الفريق بصفقاتٍ معينة، “رياض محرز” النجم الجزائري الذي حقق الدوري مع ليستر سيتي، والذي يتميز بقدرةٍ عاليةٍ على اللعب كصانع ألعابٍ وعلى الجانبين، في صفقةٍ لم تكلفه الكثير بالنسبة لمن سبقوه، بالإضافة للتعاقد مع لابورتي أخيرًا بعد فترةٍ طالت من التخبطات في هذه الصفقة، إلا أنَّ بيب أصرَّ على التعاقد معه كي يلعب كمدافعٍ وظهيرٍ أيسر، ولأنَّه من نوعية اللاعبين الذين يحبهم جوارديولا. دعَّـم جوارديولا فريقه بالصفقات التي كان بحاجةٍ إليها، ولم يقم بالتعاقدات أكثر من المعتاد كما فعل في عامه الأول!
التعامل مع الإصابات
كنا نرى بيب يقوم بمداواة اللعب قدر الإمكان لكن واجهته مشاكل عديدة: أولها وأهمها إصابة “كيفن دي بروين” والحديث عن صدمةٍ في الفريق، وقلة عدد الفرص التي كان يصنعها دي بروين، لكن بيب جوارديولا قرر أن يجرب جميع الحلول، مرةً يقوم بإشراك رياض محرز ومرةً نرى “كوندوغان” العائد من الإصابة، ومرةً نرى “ديفيد سيلفا” ومرةً أخرى نلاحظه يعيد الاعتماد على “سترلينج” و”ساني” بالإضافة إلى “أجويرو” لكن فى دور المهاجم الوهمي…
قرر بيب أن يرسل رسالةً للجميع: أنَّه لن يعتمد على لاعبٍ دون الآخر، لكن بطبيعة الحال رأينا السيتي يتعطل في مراتٍ عديدة وينهزم في مبارياتٍ غريبةٍ لم تكن معتادة للفريق، لكنها حدثت بسبب غياب عين الصقر دى بروين.
الفارق يتسع مع ليفربول ولكن…
أصبحنا نرى ليفربول في موسمٍ غير اعتيادي، يتقدم ليفربول ويقسو على الفرق ويقهر الجميع في الأنفيلد وفي ملاعب الآخرين، غولٌ جديدٌ أصبح ينافس بيب على اللقب، بركانٌ ثائرٌ أظهره كلوب للجميع لن يهدأ إلا حين يحقق الدوري لهذا الفريق الذي لم يحقق الدوري خلال 27 عامًا مضت! يبحثون عن اللقب ولذلك أصبح الفارق مع السيتى سبع نقاط في رقمٍ لم يحدث في العام السابق، فماذا يفعل جوارديولا؟!
هدأ بيب بشكل لم نرَه من قبل، وقرر أن ينتظر مباراته أمام ليفربول والتي كانت ستحسم الدوري بشكلٍ كبير، فرأينا بيب يتفوق على ليفربول بشكلٍ مبهر، رأيناه يسبقهم بثوانٍ زمنيةٍ جعلت الفارق واضحًا، جعلته ينتصر بثلاثيةٍ على ليفربول ويعود الفارق مجددًا، وبدأ يعتمد على اهتزاز ليفربول وتوتر كلوب الذي يظهر في مثل هذه الأوقات حتى سقط ليفربول، وأصبح الفارق نقطةً لصالح جوارديولا وأنتم تعلمون جيدًا ماذا يحدث عندما يركب جوارديولا الدوري!
الأبطال وتوقعات كبيرة ولكن تتكرر الصاعقة!
بدأنا نتحدث عن السيتي الكبير الذي أقامه بيب جوارديولا، زادت الطموحات حتى بدأ الحديث عن الحلم الأوروبي ومدى قدرة السيتي على تحقيق لقب دوري الأبطال، حتى جاءت مباراةٌ أمام توتنهام وبدأ الحديث عن محبي الكرة الشاملة، “بوتشيتينو” تلميذ العبقري “مارسيلو بيلسا” أم جوارديولا الذي طور بعض أساليب بيلسا واستخدمها في طريقته وفلسفته، من ينتصر؟
رأينا مباراةً أسطورية بين الفريقين، انتفاضةٌ من هنا وهناك حتى فعلها “توتنهام” بشكلٍ لم يتوقعه أحد! سقط السيتي لكنه سقط بشكلٍ استثنائي، لم يستسلم أو يخضع لسيطرة توتنهام بل إن توتنهام قدم مباراة التاريخ حتى يستطيع إخراج بيب جوارديولا، وهكذا خرج جوارديولا للمرة السادسة على التوالي من دوري الأبطال!
الدوري يستهلك تفكير الفيلسوف
أصبح من المؤكد تمامًا أن الدوري الإنجليزي بتفاصيله المعقدة يستهلك عقلية بيب جوارديولا بشكلٍ كبير، حسابات الدوري كثيرة وتخضع لمعاناةٍ فكريةٍ لا يقدر عليها سوى مدربين قلائل، كثيرون هم من يستطيعون مواصلة المنافسة، أما من يستطيع البقاء في القمة فهم نادرون، أمثال بيب جوارديولا والسير فيرجسون…هذا هو البريمرليج وهذه هي مواصفاته، انتصر بيب جوارديولا في الدوري لعامين على التوالي، وهذا أمرٌ لم يحدث منذ عشرة أعوام في الدوري الإنجليزي.
“أنا بيب جوارديولا، أنا أفضل مدربٍ في العالم، أنا من قهرت الإسبان وقدمت لهم كرةً جعلتهم يحققون المونديال، أنا من قدمت لهم فريقًا خياليًا غيَّر مجريات كرة القدم العالمية، أنا من أقنعت عشاق كرة بيكنباور بنظريتي، أنا من جعلتهم يتغنون بالتيكي تاكا الألمانية، التي جعلتهم يحققون كأس العالم بعد معاناةٍ ظلت لأعوام، أنا من أثبت للإنجليز أني قادرٌ على تحدي المعجزات، قادرٌ على السيطرة على الأمور، قادرٌ على غزو إنجلترا بكل ما أوتيت من أفكارٍ ونظريات، أنا بيب جوارديولا!”
الآن وبعد أن أثبتها بيب جوارديولا، هل يبدأ النظر لدوري الأبطال وتقليل التمركز فى الدورى كي يضمن أن يحققها، وينهي الصيام عن تحقيق بطولته الغالية؟ سنرى ذلك في الموسم المقبل…