ديانات مختلفة | فكيف يتعامل كل منها مع الموت؟

الموت هو القاسم المشترك بيننا جميعًا، هو مآلُنا الحتمي المشترك، أما كيفية تعاملنا معه فهو الأمر الذي يختلف اختلافًا شاسعًا من مجتمعٍ إلى آخر. في كل عام في الولايات المتحدة يبلغ نحو 2.6 مليون شخصٍ أجلَه، وهذا العدد يزداد بسرعةٍ بالغة إذ أن مواليد جيل طفرة المواليد قد شارفت حياتهم على الانتهاء. وتتأثر الطريقة التي ننعي موتانا ونتذكرهم بها بخلفياتنا الدينية: فبعض الديانات يحرق أهلها جثث موتاهم حتى تتحول إلى رماد، بينما يدفنها آخرون من ديانات أخرى. يعكف البعض على الطقوس بعد وفاة عزيزٍ لديهم بمدة طويلة، بينما تقف شكليات الوفاة عند حدود الجنازة عند البعض الآخر. وفي هذا العصر تقيم أسرٌ كثيرة بعيدة عن مسقط رأسها التراثي، لذا تُعدِّل مراسم الوفيات لديها لتلائم الظروف المحيطة بها. كذلك تتطور التقاليد عبر الأجيال بطبيعة الحال.

لمعرفة المزيد عن طرق تعاملنا مع الموت، حاوَرنا خمسة أفراد من خمس ديانات مختلفة وهي: المسيحية واليهودية والإسلام والهندوسية والبوذية. وبالطبع تختلف المعتقدات والتقاليد داخل كل من هذه الأديان نفسها أيضًا. ومع ذلك يقدم زعماء الدين الخمسة هؤلاء لمحاتٍ من وجهات النظر التي يشترك فيها مليارات الناس. وها هي كيفية توديع الناس للموتى من ذويهم.

الهندوسية

السيد راماسوامي بي. موهان، المُربي الديني والثقافي، جمعية المعبد الهندوسي في أمريكا الشمالية

ما نؤمن به..

“يستخدم الهندوس النار بوصفها وسيلة للتواصل مع الآلهة. نحن نؤمن أن الجسم البشري إنما هو عبارة عن تركيبة من خمسة عناصر هي الأرض والماء والنار والهواء والفراغ. يُفترض بالجسم الذي تختبئ في ثناياه الروح أن يكون قد أدى طقوس النار في فترة حياته، وإحراقه إلى رماد يمثل التضحية الكُبرى -أي التخلص من الجسد المادي. وينفذه ابن الميت بعد الموت بأسرع وقت ممكن؛ وإن لم يكُن له ولد، يتولى الأمر حفيده من الابن أو حفيدته من الابنة.. وإن لم يكن لا هذا ولا هؤلاء، يقوم به الأخ إذًا. ورغم أن الروح تشعر بالخير والشر بطريقتها، فليس هناك جنة ونار… فالأرواح العظيمة تحصل على الخلاص -ولكن معظم الأرواح تحصل على جسدٍ جديد تعيش فيه لتبدأ حياةً جديدة.”

طقوس الموت..

“يوجد في الهندوسية 41 طقسًا؛ و]طقس الموت[ هو الطقس الحادي والأربعون. أما الطقوس الأخرى فيؤديها الشخص الحي، أحيانًا بمساعدة زوجته بعد الزواج. والطقس الحادي والأربعون هو الطقس الوحيد الذي يؤديه بعد الموت شخصٌ آخر نيابةً عن هذا الشخص المتوَفَّى. عندما مات والدي لم أستطِع أداء كل الأشياء التقليدية لأني مقيم في نيويورك. ما فعلناه هو أننا ذهبنا إلى محرقة الجثث.

في عام 1988، كانت أماكن الدفن غريبة على طريقتنا في فعل الأشياء. عندما أشعلنا النار الطقسية، فزِع متعهد الجنازة… فطردتُه! قلتُ إني اتخذتُ الاحتياطات اللازمة وأن هذا مكان مقدس، لذا وجب عليه الخروج. والآن يتفهم متعهدو الجنائز هذه التقاليد، فهي تجارة عليهم أن يروجوا لها. أتى أحد كهنة معبدنا وأدى الطقوس، تلا ذلك وضع الجثة في نعش وهو ما لا يتم في المعتاد. وعادةً ما تُحمَل الجثة على نقّالة طوال الطريق وصولًا إلى مكانٍ لإحراق الجثث، ولكننا صعدنا إلى ليموزين وثير وذهبنا إلى محرقة الجثث. وبعدها ببضعة أيام جمعتُ الرُّفات وأعطيتها لأخي، الذي كان سيسبقنا بالسفر إلى الهند، إلى حيث سينثرها.”

كيف نحفظ ذكرى الوفاة..

“لا عبادة پوجا ولا صلاة ولا طقوس في المنزل بعد إحراق الجثة لمدة 13 يومًا”. ففي التسعة أيام الأولى، نؤمن أن الروح ما زالت تعتقد أنها متصلة بالبدن.. ربما تتساءل الروح “لمَ يبكي الجميع؟ أنا هنا!”. نحن نهيئ الچيفا، أي الروح الكامنة في الجسد المادي، لتستوعب حياتها في الهيئة النجمية. وفي اليوم العاشر، تدرك الچيفاأن عليها الآن أن تغادر؛ والأيام العاشر والحادي عشر والثاني عشر مخصصة للطقوس القديمة، لتمهيد الطريق للچيفا وإزالة ما أمكن من العراقيل أمامها. أما اليوم الثالث عشر، ففيه نحتفل بأكل الحلوى… فقد فهمت الچيفا مهمتها أخيرًا وأصبحت في طريقها للعمل التالي في رحلة الروح. ولنتذكر الميت، نؤدي شعيرةً تُدعى السيراردهام…التي نؤديها شهريًّا في يوم الوفاة أو تاريخها. كذلك تُقام الشعائر عند بعض الطوائف في اليوم الخامس والأربعين بعد الوفاة. وبعد الاثني عشر شهرًا الأولى، تؤدَّى هذه الشعيرة سنويًّا في ذكرى وفاة الشخص”.

الإسلام

أمير حسين، أستاذ الدراسات اللاهوتية، جامعة لويولا ماريمونت

ما نؤمن به..

“في العصر الجاهلي، كانت هناك فكرة عن القدر، الذي يكون فيه الوقت (الدهر، ويعرف أيضًا بالزمن أو الأيام) هو العامل المحدِّد لحياة الشخص ووفاته. وقد عبر القرآن عن هذه الفكرة، بقوله على لسان عرب الجاهلية: “مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ (45:24). وقد غيَّر محمد هذا المفهوم عندما أمره الله بقول: “اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ (45:26)… ويوم القيامة، يُحاسَب الجسد، وأولئك الذين يُثابون على أعمالهم الصالحة يدخلون الجنة، ويُساق بالذين يُعاقبون على سيئاتهم إلى النار.”

شعائر الوفاة..

عندما يموت المسلم تُعامَل جثته بعظيم الاحترام. والصورة المثالية لطقوس الموت هي أن يكون الشخص الميت قد استغفر الله وأوصى بوصية وتوضأ وضوءه للصلاة وتَلا الشهادة (إعلان الإيمان) قبل موته، ثم يُغسَّل بدنه. وكما جرى العرف، يُجرِي الغُسل أفرادُ أسرة الميت، فيُغسِّل الذكور أجساد الذكور من الموتى، وتُغسِّل الإناث أجساد الإناث… وفي العصر الجاهلي، كان معظم الناس يموتون في منازلهم، لذا اقتضت الحاجة أن يعتاد أفراد الأسرة على الطقوس الواجب أداؤها للميت. أما في العصر الحديث، يموت معظم الناس في المستشفيات والمنشآت، مما يحول دون أداء الطقوس التقليدية… لذا يُقام الغُسل عادةً على يد متخصصين في مكانٍ للدفن. وبمُجرد تغسيل الجثة، تُدثَّر في كَفَن مكون من ثلاث قطع من القماش الأبيض النظيف الخالي من أي غُرز أو عُقَد مَخيطة. وإذا مات الشخص في الحج في الحالة الطاهرة المسماة بالإحرام، يُدفَن بملابس الإحرام خاصته.”

كيف نحفظ ذكرى الوفاة..

“ثمة صلاة نعي مخصوصة للمتوفَّى تُسمى صلاة الجنازة، وتتفرد تلك الصلاة عن غيرها من الصلوات ببقاء المصلين وقوفًا بلا سجود، الذي هو من أركان الصلوات اليومية. فلا ينحني الشخص ويضع جبهته على الأرض كما هو الحال في سائر الصلوات. جاءَني ذات مرة خبرُ وفاة والد صديق لي. فذهبتُ إلى المسجد لأداء صلاة الجنازة، ولكنه كان مغلقًا لتأخر الوقت ليلًا. لذا صليتُ خارجًا وحمدتُ الله أن لم أضطر إلى السجود في الخارج… سيتذكر الناس بالطبع ذكرى الوفاة، ولكن لا توجد طقوس شكلية بعد شهر أو ثلاثة أشهر من الدفن أو ما شابه ذلك.”

البوذية

ماري ريتشرز، مربية، مركز تأمل كادامپا، نيويورك

ما نؤمن به..

“نحن نؤمن في البوذية بأن الجسد يموت ويختفي ولكن العقل يبقى -العقل موجود منذ الأزل وسيظل باقيًا. كذلك نحن مؤمنون بالولادة الجديدة. وأول ولادة جديدة إيجابية هي التنوير الكامل… الذي يعني محو كل الآثار السلبية التي خلفها الماضي ومعها كل الضلالات، وعدم تكبُّد أي عناء من جديد. الولادة الجديدة الإيجابية الثانية هي الولادة الجديدة للإنسان، لأننا في هذه الولادة نحصل على فرصة جديدة لنطهر الآثام الماضية ونصل إلى التنوير. أما عوالم الآلهة وأنصاف الآلهة والحيوانات والجحيم وعوالم الأشباح فهذه ليست ولادات جديدة جيدة مطلقًا…

عالم الإله، يبدو ذلك جيدًا، أليس كذلك؟ ولكن إذا وُلدتَ من جديد في عالم الإله، سيكون كل شيء مثاليًّا، مما يجعلك تفقد الرغبة في الحصول على التنوير. وهناك قد تعبر إلى جسد آخر دون تطهير آثارك، وربما لا تحصل على ولادة جديدة إيجابية… أما إذا وُلدتَ في عالم الجحيم، فقد تتسكع في طقس يبلغ درجتين في شوارع نيويورك بلا نهاية حتى تجتاز المعاناة، ويمكن أن تنتقل إلى ولادة جديدة أكثر إيجابية. وفي النهاية سيحصل الجميع على التنوير، ولكن سيستغرق الأمر دهورًا.”

طقوس الموت..

“عندما يموت الشخص نؤمن بأن الجسد لا شيء سوى فضلات. لذا ليس لنا علاقة بالتخلص من الجثة. إنما نحن نفنى منذ لحظة ميلادنا.

]ملحوظة المحرر: إحراق الجثث متعارف عليه في الكثير من البلاد البوذية[

“يعد طقس نقل الوعي – الپووا– ممارسةً عميقة للدعاء للمتوفين حديثًا بالدخول إلى أرضٍ طاهرة أو ولادة جديدة إيجابية. ويفتح الطقس مصراعيه لكل من يريد المجيء، ونحن لا نخصص الشخص الذي نقيم هذا الطقس من أجله فحسب، بل يمكن للجميع المجيء وهم يحملون في أذهانهم ما بقي من أفكارٍ بشأن من ماتوا حديثًا من أسرهم. نحن نقدم القرابين لتماثيل بوذا، فيُحضر الناس قرابين جميلة كالأزهار المنزلية والكعك والشموع وصور الموتى مؤخرًا وأشياء معينة كانت خاصة لدى ذلك الشخص المتوفى مؤخرًا. ولدينا أيضًا كتيب السادانا وهو كتيب أدعية خاص بالپوواالتي نرتلها. نحن لا ندعو بالكينونة كما هي، وإنما ندعو بالنقاء والتطهر. يمكن فعل ذلك لأجل شخص يكابد الاحتضار أيضًا. أدى ولدي (المعلم البوذي الكبير) الپووا معي أنا وأسرتي في الغرفة التي كان والدي فيها في المشفى عندما كان يحتضر.”

كيف نحفظ ذكرى الوفاة..

“لدينا اعتقاد أنه وبمجرد اكتمال عملية الاحتضار الجسدي، يدخل الوعي أولًا في الباردو أو الحالة الوسيطة. هذه هي الحالة التي تتوسط الموت والولادة الجديدة، والتي يصبح للفرد فيها هيئة “كالحلم” من أجل الولادة الجديدة التالية. ويُعتقَد أن الشخص يشعر بهذه الحالة “الهلوسية” بين الموت والولادة الجديدة لمدة تصل إلى 39 يومًا، لذا يمكن أن تفيد الأدعية المستمرة في هذه الحالة. لا شيء له طقوس خاصة، ولكن الكثير من الناس يستمرون في أداء الپووا بمفردهم وبقدر ما يحلو لهم. في الواقع يمكن أداء الپووا في أي وقت لمساعدة الأشياء الحساسة التي ماتت مؤخرًا.”

اليهودية

رابي كوري إم. هيلفاند، أبرشية شبه جزيرة سيناء

ما نؤمن به..

“هناك إيمانٌ قوي في التقاليد اليهودية بفكرة أن للناس أرواحًا أو نيشاما. تعيش الروح للأبد، أما الجسد فنمتلكه لبعض الوقت ثم نعيده مرةً أخرى إلى الرب. ووفقًا للنصوص التي نقرؤها في سِفر التكوين عن خلق آدم من الأرض، فنحن نعيد أجسادَنا مرةً أخرى إلى الأرض وإلى الرب ولهذا ندفن موتانا. أما عما يحدث للروح، فهناك دومًا أملٌ بوجود شيءٍ آخر، شيء أبعد من ذلك. وبنظرة أكثر تقليدية، تبقى الروح وترتفع إلى السماء وبعضها يذهب بعيدًا لدرجة أنه في مرحلة ما، في العهد المسيحاني، ستعود الأرواح إلى الأجساد. يتعلق الكثير في هذا الشأن بالذكرى: فأنت تحيا في شكل ذكريات الأشخاص الذين يحيون بعدك.”

شعائر الوفاة..

“عندما يموت شخص ما، يدخل الناس في حالة سرعة جنونية فيما يخص التجهيزات: مكالمة أشخاص، كتابة نعي… وبانتهاء الترتيبات، سأُعِد أماكن الجلوس في الجنازة حتى أثناء عمل الترتيبات. ومن الأشياء التي نفعلها بعد وفاة الشخص هي أننا نأتي بأناس يشقُّون الثياب، وهو أمر مأخوذ من الإنجيل: يمزق الناس ملابسهم للإشارة إلى تمزق الروابط بينهم وبين شخص ما. وغالبًا ما يكون سماع صوت شيء يتمزق مشحونًا بالمشاعر للغاية. وكذلك هناك هذا الرمز: حتى وإن شققت ثيابك وأصلحتها من جديد فلن يعود القماش نسيجًا واحدًا كما كان، فدائمًا هناك أثرٌ للشق، هناك تذكِرة على الدوام.”

كيف نحفظ ذكرى الوفاة..

“تبدأ الشيڤا بعد وفاة الشخص وتستمر لسبعة أيام -والشيڤا هي الكلمة العبرية التي تعني رقم سبعة. فتمتنع عن الحلاقة وفعل الطيبات، وتنخفض أرضًا، ويأتي الناس ويشاركون معك القصص والطعام. يشعر الناس بمشاعرَ إيجابية للغاية عندما يُعتَنى بهم، فهذا يخلق مساحة لهم ليشعروا بما يشعرون به حقيقةً. ثم تبدأ الشلوشيم -الكلمة العبرية التي تعني رقم 30- لمدة 30 يومًا، وفيها يخفف الناس تدريجيًّا من شعائر الشيڤا، ولكن يظلون ممتنعين عن الأنشطة “السارّة”. سألني أحدهم ذات مرة إذا كان يجوز له الذهاب إلى حفلٍ أثناء الشلوشيم، وأخبرته أن التقليد اليهودي لا يُجيز ذلك، ولكن عليك أن تفعل ما يجب عليك فعله. وأخبرني فيما بعد أنه لم يلبث أن قضى في الحفل 10 دقائق وعاد؛ لم يحتمل أن يبقى هناك وسط صوت الدي چى ورقص الحضور وما إلى ذلك. ومن بين كل الشعائر والطقوس في اليهودية، عليّ أن أقول إن التقاليد اليهودية فيما يخص الموت والرثاء دقيقة تمامًا من ناحية تصوير ما يشعر به الناس بعد موت عزيز لديهم.”

المسيحية

ريڤيراند لوري جاريت-كوبينا، الأستاذ المساعدة في التربية والعناية الرعوية، الإكليريكية اللاهوتية في سان فرانسيسكو

ما نؤمن به..

“لدى المسيحيين تنوع في الممارسات، فهناك تقاليد مسيحية تقول أنه عندما يموت شخص فإنه ينام، وسيصحو عند عودة المسيح. أما في التقاليد الرئيسة، فالأمر يتعدى ذلك ليصبح الموت انتقالًا إلى حياة من نوع آخر. لطالما كانت هذه فكرة مشجعة للمضطهَدين أن يعلموا أن مضطهِديهم سيذهبون إلى الجحيم. كذلك كان يتوجب دومًا على أهل القوة أن يقولوا: “هؤلاء الأشخاص ليسوا طيبين فلن يبقوا معي في الجنة التي أسكنها.”

“وبالنسبة إلى الحداد، تنبع المسيحية في جزءٍ كبير منها من الاستجابة لمأساة ما، وهي موت المسيح. فالحداد يعطي الناس الفرصة ليعترفوا بما فُقِد منهم ثم ينسبوا ذلك الفقدان إلى بُعدٍ حياتيٍّ آخر، لكي تتمكن الطائفة من إعادة الاتصال بالأحياء. وهذه هي طريقة البعث، وهي الغرض من الجنائز والخدمات التذكارية.”

طقوس الوفاة..

“الصلاة مهمة، ولكن ما تصلي بشأنه يعتمد على تقليدك المسيحي. فالصلاة لروح شخص تُوفِّي هو تقليد روماني كاثوليكي للغاية. وهذه كلها مسألة عقيدة. إذا كان لديك نصب تذكاري أو طقس جنائزي، فلك أن تتحدث عن الشخص وعما ستفتقده. ويعتمد نوع التأبين الذي ستتلقاه على تقليدك المسيحي. أنا مثلًا من الطائفة المَشْيَخِيَّة.. لا أريد الذهاب إلى جنازة يقول أحدهم فيها: “حياتك ليست طيبة، وستموت، إليك هاتان معًا.” فلا أعتقد أن هذا شيءٌ جيدٌ فعله في جنازة! أنا لا أريد أن أحصل عليهما معًا هناك… وأعتقد أن أسلوب التأبين متأثرٌ بالتقاليد حقًّا. ففي المذهب المَشْيَخي، لا يهم كثيرًا إحراق الجثة أو دفنها؛ فهناك من يدعو إلى الممارسات الصديقة للبيئة في الطائفة المشيخية وفي بعض الطوائف الأخرى. ويتضح تدريجيًّا أنه ليس علينا أن ندفن الأشخاص ونشتري التوابيت ونحو ذلك.”

كيف نحفظ ذكرى الوفاة..

“تُوفِّي والدي عندما كنتُ مراهقًا، وفي بعض الأحيان أشعر بحضوره -هذه استجابة طبيعية للمأساة. ومن الطرق الأخرى لحفظ هذه الذكرى الاهتمام بالأشخاص، عندما تذهب إلى المقابر مع الناس، وعندما تطهو لآخرين وعندما تعتني بطفلِ مَن فقد شريكَه -الناس في حاجة إلى الاهتمام لأمر غيرهم، وفرصة الرثاء هذه تعطي الناس فرصًة للاهتمام.

“في عملية الرثاء الصحية نتحدث عن الشخص بأمورٍ لا بأس بها باستفاضة ومع أشخاص مختلفين. نحن في حاجة إلى تجمعٍ لنرثو، في حاجة إلى رواية قصة عن الفقدان، وفي حاجة كذلك إلى أن نبدأ في تخيل الحياة بدون ذلك الشخص. عندما تقُص الحكاية مرةً تلو الأخرى، سيتساءل أحدهم: “ماذا حدث، كيف مات؟” وعندما تحكي تلك القصة 50 مرة، سيتراءى ذلك الشخص ميتًا أمامك.”

المصدر: https://www.refinery29.com/en-us/religious-death-beliefs