المجلات الأدبية
بدأتْ الكتابة منذ قديم الأزل، تعلّمها الإنسان واحترفها وابتكر فيها حتى
أبدع، استخدمها لحفظ المواثيق والعهود والحقوق بتدوينها، وحفظ تاريخ العصور
المُختلفة، تسجيل الحاصلات الزراعية، الضرائب، واستخدمها أيضًا كهواية ومتنفس
لطواحين أفكاره، وخيرها أنها لإفادة غيره مما يتعلم.
ولمّا أراد الإنسان حفظ ما يكتب وما يتعلم، قرر تدوينه وجمعه في شيءٍ يحميه،
وخير دليلٍ على ذلك هو قُرآننا الكريم المُنزل من عند الله، لما أراد الإنسان حفظه
من الضياع ونشره جمعه بكتابٍ واحد، والكثير كنقوش الحضارات القديمة على الجدران
التي أخبرتنا ما نجهله عن عصورٍ ماضية، وما دُوّن على أوراق البردي وعُلومٍ قد
نُقلت لَنا بمختلف الّلغات.
وعِشقُ الإنسانِ لِما يكتب قد بَلغ مَداه حتّى أصبح يُريد أن تصل كُل حُروفه
لمَن يعلَمه ولا يعلمه، ولكن ما أراده كان صعبًا شاقًّا في بداية الأمر، فمثلًا
حتى استطاع المسلمون نسخ القرآن استغرق منهم ذلك عشرات السنين بعد وفاة النبي ﷺ، واستغرقنا مئات
السّنين حتى وصلنا لعُلوم الفراعنة، واستُهلكت أعمارٌ في البحث عن مُختلف الحضارات
العريقة!
ولكن الإنسان بطبيعته يتطور ويُطوّر ما حوله ويذلل الصّعاب -بمَشيئة الله- لتسهيل أمورِه،
فظلَّ يُعمل عقلَه حتى توصّل لفكرة الطباعة، وابتدأت بالطباعة على الورق والنسيج
والمَعادن، لكن ذلك لم يُرضِ فُضوله ولم يشبع حِسَّ الابتكار لديه حتى توصّلَ
للطباعة الميكانيكية والتي ظهرت لأول مرةٍ عام ٢٠٠م، عندما كان الصينيون يطبعون
على الألواح الخشبية.
ومن بعدها في منتصف القرن الخامس
عشر ظهرت آلة الطباعة على يد الألماني (يوهان يوتينبرج) لتتطور للطباعة
الحديثة التي تستخدم في طبع الصحف والكتب الحالية.

ومن الطباعة كانت انطلاقة كل السبل الحالية المتاحة والمُتداولة بسهولة ويُسر
بين يدي النّاس في الحُصول على المعلومات والتي تدرَّجت في الظهور كالصّحُف
والجرائد، وكان أول ظهورٍ لهم عام ألفٍ وسبعمائةٍ من الميلاد، ثم من بعدها ظهرت
المجلات في القرن الثامن عشر، تبعها ظهور الإذاعة والتلفزيون، وحديثًا الإنترنت،
كل ذلك كان تسهيلًا لنشر الوعي والعلم معًا وتحقيقًا لرغبات الكثير ممن امتلكوا
موهبة الكتابة والإفراغ، بالطبع لا يقتصر اهتمام الصّحف والمجلات على الكُتّاب
والأدب، ولكنها كانت خير وسيلة لعونهم وإفادتهم والاستفادة منهم.
فالصحف عبارة عن مطبوعة تصدر بصفة دورية سواء أسبوعية، شهرية، أو يومية، لها
إصدارٌ يحتوي على مادة إعلامية بصياغة صحافية من أنباءٍ متداولة وآخر أخبار
وتحليلات ومقالات رأي وأبواب مخصصة لأفرع الكتابة والأدب ويمكن حصرها في هدف النشر
والتوزيع، بث أفكار في شكل معلومات وإعلانات، وعادة ما تطبع نسخة علي ورق زهيد
الثمن.
ولكن قناعات الإنسان لم تنحصر في الجرائد ولم تُرضيه عند ذلك الحد، فظهرت من بعدها المجلات التي تشترك مع الصّحف في بعض الصفات من حيث أنها أيضًا منشورٌ يصدر بشكلٍ دوري، وتحتوي على العديد من المقالات المختلفة، وتقدم معلومات شتّى في مجالاتٍ مختلفة سواء كانت أدبية وقصصية، تهتم بالأزياء، وتهتم بالأحداث الجارية، وتناقش الشؤون الخارجية، والأعمال التجارية، والهوايات والطب، والسياسة والدين، وتحوي جزءًا للتّسلية.
ولكن المجلات تختلف عن الجرائد شكلًا ومضمونًا، فالمجلّات قد صُمّمت للاحتفاظ بِها مُدّة أطول من الجرائد، وهي تكون أصغر حجمًا وأفضل شكلًا، وتطبع على ورق مصقول وأغلبها بالألوان.
ومن حيث المضمون، فالمجلات لا تهتم كثيرًا بالأحداث سريعة التّغير، تعتبر مجلة السيد (The Gentleman’s Magazine) التي أصدرت في عام 1731 لأول مرةٍ في لندن هي أول مجلة موجهة لعامة الناس من قِبل إدوارد كيف.

وتتميّز المجلاتُ أيضًا بانقسامها وتعدّدها على حسب اهتماماتها، فهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: متخصصة أو تجارية وفنية، وهي تهتم خاصةً برجال الأعمال والحرفيين والصناعة.
والثاني: وهي مجلات المُستهلكين، وهي الأوسع انتشارًا، و تُلبي اهتمامات أوسع للجماهير، وتشمل:
مجلات الأطفال، ومجلات الهوايات، والمجلات العلمية والفكرية، والمجلات النسائية، ومجلات الخدمات، والمجلات الأدبية والقصصيّة.
وكانت المجلات الأدبية هي الاهتمام الأكبر للكُتّاب، والأُدباء والشّعراء، ولاقت اهتمامًا كبيرًا في وطننا العربي، وحصلت على شهرة واسعة، فقد كان كل أديبٍ يسعى جاهدًا ليرى اسمَه على صفحات المجلّات، ومن أشهر تلك المجلات التي تصدر في الوطن العربي، ويمكن العُثور عليها داخل مصر:
١. العربي الكويتيّة:

تُعد من أقدم المجلات الثقافية في الوطن العربي، حيث تأسست عام 1958، وتصدر عن وزارة الإعلام بالكُويت، ولا زالت حتى الوقت الحالي تُحافظ على صدارتها ومركزيتها، وتصدر المجلة شهريًّا.
تهتم المجلة بإلقاء الضوء على الكثير من القضايا، ودورها يشمل الثقافة من كل الجوانب، حيث التاريخ وكيفية قرائته، وعلاقة الفن بالمجتمع، ولها اهتماماتٌ أخرى كالأسرة والجانب العلمي.
وتم اختيار الدكتور أحمد ذكي أول رئيس تحرير للمجلة.
وشارك في كتابة مقالاتها العديد من الكتاب والشعراء والمفكرين العرب، ومنهم: (طه حسين، عباس محمود العقاد، نجيب محفوظ، نزار قباني، عبد الهادي التازي، إحسان عباس، يوسف إدريس، صلاح عبد الصبور، جابر عصفور، فاروق شوشة) وغيرهم.
ويقع مقر مجلة العربي الرئيسي في بنيد القار في الكويت، إلا أنها تمتلك مكاتبَ عديدة في القاهرة وبيروت ودمشق، ويقدر عدد النسخ التي تطبع منها في كل عدد بـ 250 ألف نسخة.
ويمكنك أن تجد المجلة عند أي بائع من بائعي الجرائد في منتصف كُل شهرٍ تقريبًا، وبسعرٍ لا يتعدى الجنيه وربع.
٢. الدوحة:

تعد من أبرز المجلات الثّقافية والتي لاقت نجاحًا وثقة حين صُدورها، وتصدر عن إدارة البحوث والدراسات الثقافية في وزارة الثقافة والرياضة في دولة قطر.
تهتم المجلة على المستوى العام بالحال العربي، وعلى الوجه الخاص بالجانب الثّقافي والأدبي، فعند الاطلاع عليها نجدها تحوي الكثير من مقالات أبرز الكُتّاب والمُستشرقين، وترجمات لكُتابٍ عالميّين، وبعض الكتب وتحليلاتها.
وقد صدر العدد الأول من المجلة عام 1969، وبدأت تُحدد اهتمامها الثقافي على الوجه الخاص عام 1976 لتعنيَ بالثقافة من المحيط للخليج، ولكنها لاقت ركودًا، وتوقفت ذُروة المجد في يناير 1986، ولكنها عادت بقوة لتتصدر مكانتها في نوڤمبر 2007 لتواكب سياسة وثقافة الأحداث الجارية، وفي يونيو 2011 أحدثت طفرة جعلتها في قلب الحدث الأدبي والثقافي.
ومن أشهر الأدباء الذين شاركوا في كتاباتها والعمل لها هو الناقد الكبير الراحل رجاء النّقاش الذي كان أيضًا رئيسًا للتحرير عام 1986.
وتحوي مجلة الدوحة ميزةً عن غيرها من المجلات، فمع كل عدد يصدر يكون مصحوبًا بكتابٍ يستحق القراءة، ومن أبرز الكتب التي صدرت مع المجلة: قصص قصيرة لنجيب محفوظ، وتصدر المجلة شهريًّا.
وسعرها القديم 3 جنيهات، ولكن بعد تعويم الجنيه المصري أصبحت 5 جنيهات.
٣-المجلة العربية:”مجلة الثقافة العربية”

هي مجلة عربية سعودية ثقافية تصدر في نهاية كل شهرٍ هجري، تأسست عام 1394هـ/1974م، وكان ملك المملكة السعودية حينها هو الملك فيصل، وكان رئيس التحرير في هذا الوقت هو د. منير الجعلاني، وصدر أول عدد في جمادى 1935هـ.
وكان الهدف الرئيسي من المجلة هو تعزيز الوعي الثقافي والأدبي، ومواكبة ركب الثقافة وتطورها، إضافةً إلى قضية العدد التي يناقش فيها عدد من المثقفين قضايا أدبية وثقافية تطرحها المجلة كل شهر، بالإضافة إلى أبواب ثابتة أبرزها: الدراسات والآداب والآراء، بالإضافة إلى مساحات تشجع المشاركات الإبداعية من قراء المجلة تختص بالشعر والقصة القصيرة، كما لم تهمل المجلة التفاعل مع قرّائها من خلال صفحات ساحة الحوار التي تعكس صدى ما ينشر بواسطة قُرائها.
وفي العدد 240 في شهر محرم 1418هـ حرصت المجلة على إرفاق كُتيب بها إهداءً لقُرّائها، والذي لم تكن تتجاوز صفحاته 32 صفحة، وعملوا على تطويرها فيما بعد حتى تجاوز المائتي صفحة، ومن أمثلة الكُتب: موسم تقاسم الأرض للروائي إبراهيم الكوني.
وبلغ سعر المجلة قديمًا ثلاث جنيهات، وبعد تعويم الجنيه وصلت لخمس جنيهات.
٤-الشارقة الثقافية :

ظهرت مجلة الشارقة الثقافية نِتاجًا لإعلان توقف مجلة دبي الثقافية، التي كانت تحظى بمكانةٍ كبيرة في هذا الوقت، والتي فتحت الطرق للكثير من الطاقات الشابة المبدعة للتعبير عن نفسها داخل صفحاتها، بالإضافة للمسابقة السنوية الخاصة بها، والكتب التي تأتي هدية معها، فأدى توقفها لنشاط ظهور مجلات أخرى كالشارقة، والتي قامت بنفس هيئة التحرير القديمة لمجلة دبي، وبنفس النظام الداخلي لها.
وتزامن ذلك مع بدء فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي،
تحت رعاية وحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم
الشارقة، وتوجيهاته الحكيمة للقائمين على المجلة كي تتخطى النمطي والمألوف.
تصدر المجلة في بداية كُل شهر، بسعر 10 جُنيهات، وتوجد
عند بائعي الجرائد.
٥-سلسلة عالم المعرفة:

عالم المعرفة.. سلسلة كتب ثقافية تصدر في مطلع كل شهر ميلادي، وقد صدر العدد الأول منها في شهر يناير عام 1978 بإشراف أحمد مشاري العدواني، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت.
تهدف هذه السلسلة إلى تزويد القارئ بمادة جيدة من الثقافة تغطي جميع فروع المعرفة، وكذلك ربطه بأحدث التيارات الفكرية والثقافية المعاصرة، وهي تجمع ما بين مؤلفات يكتبها متخصصون في شتى الموضوعات، وترجمات مختارات مما صدر في لغاتٍ أجنبية. وهذه السلسلة تحظى بإقبال القراء العرب ومحبي الاقتناء.
وتوقف صدور السلسلة مؤقتًا بعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990، حيث كان عدد
أغسطس هو العدد رقم 152 بعنوان “التلوث مشكلة العصر”، حتى
صدر العدد رقم 153
في أكتوبر 1991
بعنوان “الكويت
والتنمية الثقافية العربية”.
تصدر في مطلع كل شهر ميلادي، ويبلغ سعر العدد الواحد 20 جنيهًا
ويوجد أيضًا مجلة الرافد، ومجلة نزوى، ومجلة الجديد التى تُصدر من لندن.
وغيرهم الكثير من تلك المنافذ المعلوماتية التي تُثري القارئ، ومنفذ لإبداع الكثير من تلك الفئة المُهتمة بالأدب والثقافة.
أعلم أن الوسائل الإلكترونية قد غزت العالم وسهّلت الوصول لكل شيء دون عناء،
بل جعلت الكثيرين يتوقفون عن السعي وراء المطبوعات الورقية سواء جرائد أم مجلات أم
كتب، بل وحثت الكثير من الكُتّاب على التوقف عن السعي حثيثًا لتُظهرأسماءهم على
صفحاتها، ولكن رغم كل ذاك يبقى احتفاظك بما تقرأ ورقيًّا له طابعُه الخاص،
فصفحاتها تحمل انطباعك الأول وانفعالك مع ما تقرأ، تحمل تأثرك وفرحك وبأسك بما
رأيت داخلها، تحمل ما يختفي تلقائيًّا بإغلاقك لصفحاتك الإلكترونية، ولكن الورق لا
يُنسى ولا يُمحى، ولتكُن دعوةً لإعادة الأوراق إلى حياتنا!