سعادة جديدة
من هو غيث ولماذا يخفي وجهه، الأجابة في هذا الفيديو:
بسم الله.. نبدأ سعادة جديدة
الثلاثون من رمضان ومع انتهاء آخر ثواني هذا الشهر الكريم كانت تلك المعضلة الفلسفية قد حُلت بكلمات بسيطة أطلقها شخص مجهول الهوية كل ما نعرفه عنه أن اسمه “غيث”.
لنعد إلى الوراء قليلًا إلى ما يقرب نصف الشهر حيث انتشر فيديو لشخص ما يساعد بائعة المناديل المسنة بأسلوب لبق وبسيط دون أن يؤذيها أو يشغل أنظار المشاهد له وبدون تلك الموسيقي المثيرة للاشمئزاز والحركات البطيئة للكاميرا وهي تُظهر تأثر المذيع لحالة المحتاج، واستمر انتشار هذا الفيديو لقرابة يومين بين مؤيد ومعارض وانشغل البعض بمعرفة هوية هذا الشخص وماذا يفعل.
غيث شاب إماراتي مقدم برنامج رمضاني باسم “قلبي اطمأن” ممول من قبل جمعية الشارقة، يبحث هو وفريق كبير عن شخص يحتاج ليد العون ويذهب له ليقدم بإحسان (رزقه) بعد أن يُظهر مدى نقاء قلوبهم وحقيقة أنهم هم أبطال تلك القصة ليس هو. أتعلم يا صديقي، هم أكثر مني بلاغة في شرح هدفهم.. هم من جعلوها قصة يُجملها الأسلوب الجميل لغيث والكلمات المنتقاة التي استخدمها في المقدمة والتصوير الرائع وجمال وصدق رد الفعل لمن ساعدوه، أدعوك لتشاهد البرنامج واحكم أنت بنفسك أبالغت في وصفي أم لم أوفه حقه؟
ولكن هذا ليس محور حديثنا اليوم، الحديث عن تلك المعضلة الفلسفية التي كانت تشغل تفكيري ولم أجد لها كلمات مناسبة ليكتمل حلها حتي يُقطع الشك باليقين مع النفس. كانت المشكلة تلك الثغرة التي تستغلها النفس عند التصدق بأي شيء لإنسان آخر فتجد بعضًا من المنّ والتفاخر قد مسّ القلب حتى لو قليلًا أن يظهر أمام الناس. ولكن كافٍ ليظهر أمام نفسك، وتحاول إخفاؤه من عينك بشق الأنفس حتى لا تبطل صدَقتك.
تلك كانت المشكلة وكان الحل في تلك الكلمات.. (هذا رزقك أرسله الله لك.) التي كان يكررها غيث أمام من يشكره عندما يعطيه (رزقه) وكانت كالرسالة الخفية التي دخلت للقلب لكي يطمئن، وهي رسالة صغيرة لا أدري أكان متعمدًا أن تصل أم هي من جميل حديثه الذي تربى عليه. إن تدبرت معناها فتجد أن المعطي هو الله وأن ما تتصدق به هو رزق هذا العبد سيصله سيصله.. وكل ما في الأمر أن الله قد أنعم عليك لتكون وسيلة تنقل المال فتكسب الثواب -كنت سببًا فربحت- فسبحان مسبب الأسباب.
فأين قدرتك؟! أوهبته شيئًا؟! حاشا لله هو الوهاب، أرزقته من مالك؟! كيف والمال مال الله يرزق من يشاء.
ومثلما أفضى الله إلى غيث بتلك الكلمات البسيطة والتي كانت تخرج من قلبه، أفاض الله على أحمد الشقيري بدعوة جميلة قد قالها في إحدى حلقات خواطر (اللهم ارزقني وارزق بي)، وهناك حديث آخر منتشر بيننا (اللهم استعملنا ولا تستبدلنا) فأنت هو المحتاج وليس هو. أنت من يبحث عنه لتعطيه حقه لا منّا منك ولا تكرمًا عليه بل حاجة منك للثواب وتطهير النفس ورقّة القلب.
تلك كانت رسالة صغيرة من رسائل هذا البرنامج التي غيرت مفهوم وشكل البرامج والإعلانات التي تحث على التصدق وإعطاء الحق لأصحابه، وكما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “إنَّ لله عبادًا يُميتون الباطل بهجره، ويحيون الحقَّ بذكره.” فلننشر مثل تلك البرامج التي لها قيمة وأثر جميل على المجتمع.. وكالعادة هذا الرأي مجرد وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ.
جميل القول والعمل ما خرج من قلب مطمئن وليس من لسانٍ مُزين ولهذا ديننا لم يترك أمرًا إلا وأعطى لمن بحث فيه ما يرضي تفكيره ويطمئن قلبه كل ما عليه هو البحث وعلى الله التوفيق.