حتى جاء محمد صلاح

Comments 2

 

مِنَ العُنوانِ تعلمُ جيدًا  أن الحديثَ سيكونُ على فخرِ مصرَ، فخرِ العربِ، صوتِ ليڤربول، أحلى ما في ليڤربول هذا الموسم هو اللاعبُ المصري مُحمَّد صلاح   والذي غيّر الكثيرَ والكثيرَ في موازينِ كرةِ القدمِ في العالمِ أجمع منذ أن بدأ في الظهورِ وخصوصًا في هذا الموسم مع نادي ليڤربول الإنجليزي.
لكن ما الذى غيّره صلاح؟ كيف قام بتحطيمِ الأرقامَ واحدًا تلو الآخر؟ ما الجديدُ الذي قدّمه صلاح لعالمِ الساحرةِ المستديرة… هذا ما سنعرفه بعد قليل.

 

 

الحاجزُ الأول الذي كسره مُحمَّد صلاح هو الحديثُ عن جودةِ اللاعبِ العربيّ؛ فالجميعُ قبل ذلك لم يتحدثوا عن لاعبٍ استطاع أن يصلَ إلى الحدِّ الذي وصلَ إليه صلاح، هل كان يُصدِّق أحدُهم أنْ نتحدثَ أنّ هناك لاعبًا عربيًّا ينافسُ ميسى ورونالدو  على لقبِ الحذاءِ الذهبيّ؟ هل كنا نتخيلُ أنْ نسمعَ أنّ هناك عربيًّا قادرًا على تصدرِ صراعِ هدّافِ الدوري الإنجليزيّ الذي من المعروفِ عنه أنه الأفضلُ في العالم!؟  بالطبعِ لا لم يكن يصدق أحدُهم، لكن صلاح حطم هذا الحاجزَ بعدما وصل إلى هذه المرحلة، عندما قالت إحدى الصحفُ أن ميسي يعادلُ رقمَ مُحمَّد صلاح في صراعِ الحذاءِ الذهبيّ!

ثم نذهبُ إلى الحاجزِ الثاني وهو الوصولُ بليڤربول إلى منطقٍة متقدمةٍ في البطولاتِ الكبرى، فعندما تشاهدُ ليڤربول يجبُ عليك أن تتذكَر أنه الفريقُ الذي صال وجال في أوروبا وإنجلترا في الفترةِ ما قبلَ عام ١٩٩٠ لكن الفريقَ أُصِيبَ بنكسةٍ جعلته بعيدًا عن تحقيقِ لقبِ الدوري الإنجليزي لمدةٍ تزيدُ على ربعِ قرنٍ، صحيحٌ أنهم   حققوا لقبَ دوري أبطالِ أوروبا في عام ٢٠٠٥ لكنهم منذ فترةٍ طويلةٍ لم يكونوا بالفريقِ الذي يصلُ إلى الأدوارِ المتقدمة منذُ فترة فيرناندو  توريس حتى الآن، حتى جاء صلاح وارتفع سقفُ طموحاتِ الفريقِ إلى درجةٍ عاليةٍ، إلى درجةِ أن المدربِ واللاعبين والجمهورِ يرددون نفسَ الكلمةِ في بداية حديثِهم “لدينا مو صلاح”.. تعرفُ أنه غيّر الكثير، تعرفُ أن ليڤربول قادمٌ إلى منطقةٍ قريبةٍ من قبل نهائي أوروبا وهذا ما لم يحدث منذ عشَرةِ أعوامٍ، عندها فقط تعلمُ جيدًا كيف فعلها صلاح، كيف تحرّك بالفريقِ لمكانةٍ عاليةٍ، كيف جعلهم يحلمون من جديد بعد أن انقطع بهم الأملُ في تحقيقِ أيِّ شيءٍ.

كنا نشاهدُ الأنديةَ الإنجليزية تظهرُ علينا في الشرقِ الأوسط باللغة الإنجليزية وكأنهم لم يقوموا بإعطاءِ الأهميةِ الكافيةِ لمن يتابعهم فى الدولِ العربية، حتى جاء صلاح وحدث الهجومُ العجيب، في البدايةِ على صفحةِ تشيلسي سواء كان فى التفاعلِ أو في الحملاتِ التي قام بها متابعو صلاح لإجبارِ مورينيو على إشراكِه، ثم الحملة التي أقيمت بعنوان “باصي لصلاح”  وشهدت الصفحاتُ الرسمية على جميعِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيّ لفريق تشيلسي ضجةً إعلاميةً لم نرَها من قبل، وقتَها فقط قررت إدارةُ الفريقِ أن تقومَ بتغييرِ العلامةِ التجاريةِ للنادي في الشرقِ الأوسط للغةِ العربية حتى رأينا أنديةً كبيرةً تقومُ باتخاذِ نفسِ القرارِ وكان على رأسِهم أرسنال وليڤربول في واحدةٍ من أهمِّ الحواجزِ التي حطمها صلاح؛ جعلهم يهتمون بمن يعيشُ في هذه المنطقة!

هل تخيلْتَ يومًا أن ترى جمهورًا تعدادُه بالملايين أن يتبعَ لاعبًا واحدًا، يشجعه في أيِّ مكانٍ يذهب إليه “تشيلسي، ڤيورنتينا، روما، ليڤربول” أينما يذهبْ يتابعوه، أينما يتواجدْ هم وراؤه.. جمهورُه المُحِب، عندما يلعب نشاهد المقاهيَ المصريةَ تمتلئُ عن آخرِها شباباً و شيبًا.. الجميعُ يعشقوه لدرجةِ أنهم استمروا بالدعاءِ له في الليلةِ التي أُصِيب فيها أمامَ مانشستر سيتي، عندما تسمع أحدَ الأمهاتِ تسألُ أحدَ أبنائها هذا السؤالَ العجيبَ الذي يتوجبُ عليّ أن أذكرَه بلغةٍ مختلفةٍ عن المقالة وهو: “يا سامح، هو محمد صلاح  سجل كام جون النهارده؟ طب هارى كين سجل و لا لأ؟”.. عندها فقط تعلمُ أنه دخل القلوبَ بل سيطرَ عليها بشكلٍ كامل، بشكلٍ لم يحدثْ أن واجهنا ظاهرةً بهذا الحجم.
اللاعبُ المصريُّ العربيُّ الإفريقيُّ الذي حطم الأرقامَ القياسية وارتفع بسقفِ طموحاتِ جماهيرِ ولاعبي ومدربِ ليڤربول، ارتقى بقلوبِ المصريين وجعلهم لأولِ مرةٍ منذ فترةٍ طويلةٍ يتفقون على شخصٍ أو فكرة، فكرةِ أن لديهم شخصًا من بينِهم عاش يومًا هنا واستقلّ هذا القطارَ يومًا بعد يومٍ، ابن نجريج، ابن بسيون، ابن محافظة الغربية .. المصريُّ الذي أثبت للجميعِ أنه أحدُ ملوكِ اللُعبةِ  وأثبت لأقرانِه المصريين أن بإمكانِهم صنعَ المزيدِ والمزيد، لأن العالمَ كان يسيرُ بخطواتٍ اعتيادية تعتمدُ على اللاعبِ الأرجنتينيِّ أو البرايزليِّ حتى جاء مُحمَّد صلاح!