في روايةِ الوصايا يسردُ الكاتبُ عادل عصمت قصةَ عائلةٍ مصريةٍ تابعة لإحدى قرى طنطا، حلَّتْ بها كارثةُ فقدانِ من خلالِ عشْرِ وصايا يتركُها الجدُّ لحفيدِه، لتسكنَ داخلَه رُغمًا عنه وتظلُّ تطاردُه بقيةَ أيامِ حياتِه، ويفكرُ في مدى قيمتِها أحيانًا وينظرُ إليها بسذاجةٍ أغلبَ الوقتِ.
– إياك والعمى.
– المتعة عابرةٌ كالحياة.
-كن يقظًا وقت الفرح.
-الثروة مثل الدابة عليك أن تسوقها.
-احذر أن تقتل أخاك.
– الأحزان سموم القلب.
– تحمّل الألم.
-المحبّة دواء أيام الباطل.
– أعظم الفضائل في التخلّي .تُلقَى كلُّ وصيةٍ على الحفيدِ بشكلٍ عام بأسلوبٍ ممتعٍ ثريٍّ تبدو فيه قُدرةُ عادل عصمت على صياغةِ أفكارِه وفلسفتِه في الحياة من خلالِ الجد، وبعدَها يسردُ إلينا أحداثَ العائلةِ التي نبعت منها تلك الحكمة، لتشعرَ بأن أحداثَ الروايةِ وشخصيّاتِها عابرةٌ ولكنّها دقيقةٌ ومحكمة في نفسِ الوقت.
أصرت قبل أن تترك بيت أخيها أن تحمل معها عبائته الذي ارتداه قبل موته
روايةُ الوصايا ليست تلك الروايةَ التي تقرؤها سريعًا لسرعةِ أحداثِها منتظرًا تغيرًا جذريًا مُفاجِئًا في أحداثِها؛ حيث تجدُ المتعةَ والإثارةَ المعتادُ عليهما طبقًا لمعاييرِك الساذجة، في هذه الرواية شعرْتُ أن عادل عصمت في تحدٍ كبيرٍ عمدًا منهُ، لكنه متحكمٌ فيه وممسكٌ لجامَه بكلِّ جَيْدٍ؛ فأحداثُ الروايةِ ليست سريعةً ويوجد سردٌ مكثَّفٌ ووصفٌ دقيقٌ لكثيرٍ من التفاصيلِ، فترى -في أغلبِ الوقت- بعد كلِّ جملةٍ ما تقولُها أحدُ شخصياتِ الروايةِ وصفًا دقيقًا جدًا لحالةِ الشخصيةِ والشخصياتِ المحيطةِ بها، وصفًا لحالةِ الجوِ المكانِ حينذاك، فأنت بذلك من الممكنِ أن تغرقَ في بئرٍ من المللِ الشديد، فتَكتُبُ معك الروايةُ شهادةَ وفاتِها من اللحظاتِ الأولى للقراءة، ولكن بفضلِ الأسلوبِ والصياغةِ البارعةِ لتلك التفاصيلِ فستجدُها محلًّا للمتعةِ والانبهار، لتجدَ نفسَك في النهايةِ أمامَ قصةٍ مُحكَمةٍ وأسلوبٍ سرديٍّ ممتعٍ .
نحن مجردُ سديمٍ، يتجمعُ ثمّ يتبدد
اترك تعليقا