لماذا نحتاج إلى العناق؟
نعانق الآخرين عندما نكون متحمسين أو سعداء أو حزينين أو نحاول الراحة، لذا يبدو أن المعانقة أمر جيد عالميًّا، وهو ما يجعلنا نشعر أننا بحالة جيدة وقد ثبت أن العناق يجعلنا أكثر صحة وسعادة.
العناق طبيعة فطرية أم ثقافة مكتسبة؟
رغم كل التحذيرات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية بضرورة التباعد الاجتماعي للوقاية من مرض كوڤيد-19 إلا أننا بمجرد لقاء الأصدقاء أو الأحباب نعانقهم وكأن شيئًا لم يكن وعندما نتذكر الإرشادات، نضرب أيدينا في منتصف الجبهة قائلين: «نسيت ذلك الأمر» فلماذا لا نستطيع منع أنفسنا من عناق من نحب؟
اللمس هو أول إحساس يطوره الإنسان في الرحم، حيث يُنظر إلى اللمس عمومًا على أنه حاسة واحدة، لكنها أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير. تتعرف بعض النهايات العصبية والمعروفة باسم الوصلات اللمسية «C» على الحكة ، والبعض الآخر على الاهتزاز والألم والضغط وبعض النهايات العصبية تتعرف على العناق أو اللمس اللطيف.
تأثير العناق على الآخرين
نحن نفهم غريزيًّا قوة اللمس؛ حيث أن رئيس مارجوري ستونمان دوغلاس في فلوريدا بعد إطلاق النار المأساوي على مدرسته، وعد باحتضان كل واحد من طلابه البالغ عددهم 3300 طالب. لمسة واحدة صغيرة يمكن أن تغير حياة لا حصر لها.
عرفت الأميرة ديانا ذلك عندما أمسكت بيد أحد مرضى الإيدز في عام 1987 وكذلك فعل باراك أوباما عندما انحنى للسماح لصبي أسود يربت على شعره، حتى يشعر بإمكاناته الخاصة في راحة يده.
فوائد العناق
وفقًا للعلماء، تتجاوز فوائد العناق هذا الشعور الدافئ الذي تشعر به عندما تحمل طفلًا بين ذراعيك، إليك 7 فوائد للعناق:
1. عندما يتعامل صديق أو أحد أفراد الأسرة مع شيء مؤلم أو غير سار في حياتهم، عانقه.
يقول العلماء أن تقديم الدعم لشخص آخر من خلال اللمس يمكن أن يقلل من توتر كليكما.
في إحدى الدراسات والتي طُبقت على عشرين من الأزواج من جنسين مختلفين، حيث تعرض الرجال لصدمات كهربائية شديدة، أثناء القيام بذلك، أمسكت كل امرأة بذراع شريكها.
وجد الباحثون أن أجزاء دماغ كل امرأة تأثرت بذلك لذا عندما نعانق شخصًا ما لتهدئته، قد تظهر هذه الأجزاء من دماغنا استجابة مماثلة.
2. قد يحميك العناق من المرض
حيث تعمل تأثيرات المعانقة على تقليل التوتر أيضًا للحفاظ على صحتك.
في دراسة أجريت على أكثر من 400 بالغ وجد الباحثون أن العناق قد يقلل من فرصة إصابة الشخص بالمرض؛ كان المشاركون الذين لديهم نظام دعم أكبر، أقل عرضة للإصابة بالمرض، وأولئك الذين لديهم نظام دعم أكبر والذين أصيبوا بالمرض كانت لديهم أعراض أقل حدة من أولئك الذين لديهم نظام دعم ضئيل أو معدوم.
3. قد يعزز العناق صحة قلبك
يمكن أن يكون العناق مفيدًا لصحة قلبك حيث في إحدى الدراسات قسّم العلماء مجموعة من حوالي 200 بالغ إلى مجموعتين:
كان لدى إحدى المجموعات شركاء يمسكون بأيديهم لمدة 10 دقائق متبوعًا بعناق لمدة 20 ثانية مع بعضهم البعض.
المجموعة الأخرى كان لديها شركاء آخرون جلسوا في صمت لمدة 10 دقائق و20 ثانية.
أظهر الأشخاص في المجموعة الأولى انخفاضًا أكبر في مستويات ضغط الدم ومعدل ضربات القلب مقارنة بالمجموعة الثانية.
وفقًا لهذه النتائج، قد تكون العلاقة العاطفية مفيدة لصحة قلبك.
4. يمكن أن يجعلك العناق أكثر سعادة
الأوكسيتوسين مادة كيميائية في أجسامنا يسميها العلماء أحيانًا «هرمون العناق»، هذا الهرمون ترتفع مستوياته عندما نعانق أو نلمس أو نجلس بالقرب من شخص آخر. يرتبط الأوكسيتوسين بالسعادة وتقليل التوتر.
لقد وجد العلماء أن هذا الهرمون له تأثير قوي في النساء حيث يسبب الأوكسيتوسين انخفاضًا في ضغط الدم كما يقلل التوتر.
كما أثبتت إحدى الدراسات أن الفوائد الإيجابية للأوكسيتوسين كانت أقوى لدى النساء اللواتي لديهن علاقات أفضل وأكثر تكرارًا مع شركائهن العاطفيين، كما لاحظت النساء آثارًا إيجابية للأوكسيتوسين عندما حملن بأطفالهن.
5. يساعد العناق في تقليل مخاوفك
وجد العلماء أنه يمكن أن يقلل القلق لدى الأشخاص الذين يعانون من فقدان الثقة بأنفسهم ووجدوا أنه حتى لمس أي جماد حتى ولو كانت دمية يساعد في تقليل مخاوف الناس بشأن وجودهم.
6. قد يساعد العناق في تقليل الألم
تشير الأبحاث إلى أن بعض أشكال اللمس قد تكون قادرة على تقليل الألم.
حيث في إحدى الدراسات، خضع الأشخاص المصابون بالفيبروميالغيا لستة علاجات باللمس، وهو مرض مزمن يصيب الإنسان بألم عضلي هيكلي في مناطق محددة.
تضمن كل علاج ملامسة خفيفة للجلد، أبلغ المشاركون عن زيادة في نوعية الحياة وتقليل الألم. العناق شكل آخر من أشكال اللمس قد يساعد في تقليل الألم.
7. اللمس يزيد من الخلايا المسؤولة عن الدفاع في جهاز المناعة.
8. يزيد السيروتونين الذي هو مضاد الاكتئاب الطبيعي للجسم كما أنه يتيح نومًا أعمق.
9. العناق يساعدك على التواصل مع الآخرين
تحدث معظم الاتصالات البشرية شفهيًّا أو من خلال تعابير الوجه، لكن اللمس هو طريقة مهمة أخرى يمكن للأشخاص من خلالها إرسال رسائل لبعضهم البعض.
اكتشف العلماء أن شخصًا غريبًا كان قادرًا على التعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر لشخص آخر عن طريق لمس يديه أو التربيت على كتفه حيث تشمل بعض المشاعر التي يتم التعبير عنها مثل الغضب والخوف والاشمئزاز والحب والامتنان والسعادة والحزن والتعاطف، لذا فالمعانقة هي نوع من اللمس المريح والتواصل.
أزمة عناق/ لمس مع تطور الحياة والإحساس بعدم الأمان
لا نرى الناس يعانقون بعضهم البعض هذه الأيام، فعندما نذهب إلى أي مكان، نجد الجميع على هواتفهم المحمولة حتى الأطفال البالغون من العمر عامين كانوا يجلسون في عربات مع أجهزة iPad على حجرهم. (الحصول على اتصال من شاشات اللمس الخاصة بهم). وعندما يصطدمون الأشخاص ببعضهم البعض في الزحام، يقولون “أنا آسف! معذرة!”
البشر يحبون اللمس، نحن نحب هذا الشعور وهذه الكلمة كثيرًا لدرجة أن الكلمة لديها القدرة على بيع العديد من المنتجات من الوسائد الناعمة الملمس إلى الجوارب المخملية الملمس، وأواني الصلصة ذات اللمسة الاحترافية وحتى كريمات الوجه الناعمة والمثالية. لكن لم يعد لمس بعضنا البعض في عصر من التحرش والاعتداء الجنسي المنتشر والتاريخي يشعر بالأمان.
كم عدد مرات العناق التي نحتاجها؟
قالت أخصائية العلاج الأسري «فيرجينيا ساتير» ذات مرة: «نحتاج أن نتعانق أربع مرات يوميًّا للبقاء على قيد الحياة و 8 مرات يوميًّا للحفاظ على صحتنا النفسية و 12 عناقًا يوميًّا للنمو .» في حين أن هذا قد يبدو كأنه كثير، ولكن يبدو أننا بحاجة مستمرة للعناق.
لسوء الحظ، فإن معظم الغربيين اليوم -وخاصةً الناس في الولايات المتحدة- محرومون من العناق. يعيش الكثير من الناس حياة انفرادية أو مشغولة مع انخفاض التفاعل الاجتماعي.
غالبًا ما تدفع أعرافنا الاجتماعية الحديثة الناس إلى عدم لمس الآخرين الذين لا تربطهم صلة قرابة مباشرة. ومع ذلك يبدو أن الناس يمكن أن يستفيدوا كثيرًا من لمس الآخرين أكثر قليلًا.
لذلك، إذا كنت تريد أن تشعر بتحسن تجاه نفسك، وتقليل التوتر لديك، وتحسين التواصل، وتكون أكثر سعادة وصحة، فيبدو أن العطاء وطلب المزيد من العناق من أهلك/ أصدقائك/ أطفالك أو حتى حيواناتك الأليفة هو مكان جيد للبدء.
يثبت العلم أن العناق المنتظم مع المقربين إليك، حتى لو كان قصيرًا، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية بشكل خاص على عقلك وجسمك.
بدائل العناق
لسوء الحظ أننا نعاني تلك الفترة من قلة العناق نظرًا لما يتوجب فعله بالحفاظ على مسافة قدرها 6 أقدام بيننا وبين الأشخاص الآخرين لحماية أنفسنا ضد كوڤيد-19 كما قلّ خروجنا من المنزل فندر لقاؤنا بمن نحب من الأقارب والأصدقاء، لذا إليكم بدائل للحفاظ على أنفسنا وبناء الأوكسيتوسين طبيعيّا..
كن مستمعًا جيدًا
استمع إلى والدك أو أختك أو صديقك حاضرًا بجميع حواسك سواء على الهاتف أو بالالتقاء، هذا قد يرفع من هرمون الأوكسيتوسين بالنسبة لك وللشخص الذي تستمع إليه أيضًا.
استخدم كلمات التشجيع والتقدير
قولك أو سماعك لكلمات مثل «أنا أحبك» – «أنت شخص عظيم» – «وجودك يعني لي الكثير» – «مُمتن لك» يُحسن مستوى هرمون العناق لديك وقد يُشعرك بسعادة وراحة.
قم باللعب مع حيوانك الأليف
التربيت على قطتك الصغيرة مثلًا قد يُشعرك بسعادة وتنتقل إليك طاقة إيجابية عظيمة.
ابتسم الآن
قم بمشاهدة أشياء طريفة كوميدية، ضع يديك على قلبك واشكر نفسك لأنك تستحق الشكر والثناء كل يوم.