كافكا رائد الكتابة الكابوسية

Comments 0

كلنا نملكُ أجنحة ولكنها بلا أي فائدة لنا ولو كان بمقدورنا أن نمزقها عن أكتافنا لفعلنا

فرانز كافكا 

من هو فرانز كافكا؟ 

ولد فرانز كافكا في براغ لعائلة ألمانية من الطبقة الوسطي تنحدر من أصول يهودية ، ألتحق  بالجامعة بدأ بدراسة الكيمياء و تحول بعد أسبوعين إلي دراسة القانون ، لم يكن مجالة المفضل لكن عرض علية احتمالية أكبر في التوظيف كان هذا رغبة والده ، بجانب القانون كان  يأخذ فصول في تاريخ الفن و الدراسات الألمانية ، كان متعطشاً للقراءة طوال حياته ، كان لكافكا بعض العلاقات الغرامية لكن لم تنتهي أحدهم بالزواج ،عمل في بعض الوظائف و لكن بعد مرور الوقت أصابه المرض و ازدادت حالته سوء مات  في الأربعينات من عمره 

كتب طبيبة الذي كان يرعاه أثناء مرضه خلال أيامه الأخيرة في المصحه “وجهه جامد صارم ،مترفع مثلما كان ذهنه ، نقياً صارماً، وجه ملك من نسب من أكثر الأنساب نبلاً و عراقة”

عثر صديقه ماكس برود علي بعض القصص كتابها كافكا أثناء حياته و أثناء مرضه العصيب كتب لصدية ماكس و الذي كان زميله في دراسة القانون و أصبح صديقة مدي الحياة ، طلب منه رجائه الأخير بأن يحرق ما كتبه ظناً منه أنها لم تكتمل ، لكن لحسن الحظ لم يفعل صديقه هذا و كان من ضمن هذه القصص الرائعه قصة فنان الجوع و التي تعد من آخر أعماله 

بين الفن و الجوع

تتناول القصة حكاية فنان الجوع و الذي كان محط انتباه في العقود الأخيرة في أوروبا كان يتم تنظيم عروض كبيرة علي نفقة المنظمين ربما ستتعجب من الأمر من هذا الشخص الذي يصوم لمدة أربعين يوماً و ليس لفروض دينيه بل للفن ، نعم كان في هذا الوقت فن.

كان هذا هو الحدث الأشهر في أوروبا في ذلك الوقت كان يعتمد علي خبرة الفنان و ليس لأي هاوي أن ينول شرف فنان الجوع بل يجب أن يكون متمرس و مشهور ، كان محط انتباه المشاهدين و المعجبين فيذهبون في اندهاش لرؤية هذا الفنان ، كان يجلس بداخل قفص حديدي بالداخل كرسي و بعض القش كان يأبي الجلوس علي الكرسي فكان يجلس علي القش ، و ساعه ربما كانت هذه هي الأثاث الوحيد الذي يخبره بمرور الوقت و الأيام  ، كان يسأله البعض فيجيب مومئاً برأسه في أدب ،و مبتسماً بإجهاد في حين ٍ آخر ، و ربما كان يخرج يده من القفص ليتفحصها البعض.

كم مدهش صرامة البشر أن يرى الشخص منه أن هذا فن ، شخص تبرز عظامة ، نحيف لا يقوي علي شيء مدهش ما يصل إليه الأمر ، أليس كذلك؟

كانت فترة الصيام في ذلك الوقت لا تزيد عن أربعين يوماً سواء في المدن أو القري ، أثناء ذلك يقل عدد المشاهدين مع مرور الوقت ، و كان هناك بعض الحراس الذي كان يختارهم الجمهور لمراقبته أثناء الليل و كان من بينهم الجزار الذي كان لا يصدق كييف يمكن أن يصمد هذا الفنان بدون أن يأكل سراً أثناء الليل فكانوا يطلبوا المزيد من الإضاءة ، كان فنان الجوع يدفع لهم لتناول الطعام من ماله الخاص أثناء مراقبتهم له ، ظل هذا الفنان علي هذا الحال حتي أنتهي فترة الأربعين يوماً وسط احتفال مهيب من راعي الحفل و سيدتان تمسكان الفنان وسط عدد من الجمهور و بعض الأطباء ، وعدد من الأطعمة الذي يشبه طعام المرضي حتي يستمر الجزء الآخر من مواصلة فنان الجوع لفنه 

كيف يتلذذ المرء بمشاهدة عرض يحاول فيه الشخص أن يجلد لذاته ، بحرم نفسه من الطعام كأنه علي حافة الموت ، ربما شعر أحدهم باللذه ، و ربما الشفقة لهذا الفن ، ربما كان العلم له رأي آخر في هذا الفن فن انتحاري يحاول فيها الفنان يضحي بذاته في سبيل فنه ، نوع من الأفعال المتهوره محاولة لجذب جميع الوسائل للتغلب علي الغرور الإنساني ، لن يفهم  أحد مشقة هذا الجوع مثل هذا الفنان.

تبهرك تقلب الحياة فينتهي بهذا الفنان الرائع الذي ظل يضحي  في سبيل فنه، انتقل إلي سيرك كبيرك ،وضع في قفص و سط الحيوانات ، مكان لم يليق به يوماً، ربما لم يقدر علي اعتزال مهنته ، و ربما لم يعرف غيرها ،تحدي نفسه وقتها بأن يكون أكثر فنان جوع يصوم لمدة أطول ، مدة تفوق الأربعين يوماً

يستمد الإنسان في الغرور التحدي البشري الصارخ ، و تمرده علي ذاته شكل آخر من تحديات الإنسان لنفسه و تمرده

 كان هناك طوابير من المشاهدين لكن ليس لمشاهدته فقط ، بل لمشاهدة الحيوانات ربما وقف البعض بجانبه حتي يمر الطابور ، نظر له البعض و تجاهله الآخرون ، ربما يتذكره البعض فيحكي لأطفاله عن هذا الفنان الذي ولا زمانه ، ظل هذا الفنان يصوم يوماً تلوي الآخر حتي نسي عدد الأيام التي صامها ، ظل علي هذا الحال ، ثم جاء أحد الأيام عندما فتح العمال و أحد المشرفين القفص لوضع نمر صغيراً في أبهي قوته ليجذب انتباه المشاهدين وجد أحد العمال هذا الفنان البائس و هو ينبش في القش الموضوع علي الارض لم يتذكره أحد  ، ربما كانت آخر كلماته أنه لو وجد الطعام الذي يشتهيه لم احدث كل هذه الضجة و شبع مثلا مثل الآخرين ،

دفن هذا الفنان بجانب القش ، ربما ظننته مجنون ، ربما فنان يضحي من أجل فنان ، و ربما باحث عن الشهر الكل يختلف في نظرته فقط هذا الفنان كان يعرف مبتغاه .