أصبحت مشوهة.. الأسرة في زمن العنف الأسري
أسرة هي المجتمع الصغير الذي ننشأ بداخله، نتعلم منها كل شيء منذ المهد الأول لنا، كيفية الطعام والشراب، والتعامل مع الآخرين، وكذلك تقاليد وعادات المجتمع الذي نعيش به. فماذا إذا كانت تلك الأسرة التي ننشأ بداخلها هي مصدر التشوه لنا؟ ماذا إذا كانت تحمل لنا عادات وتقاليد مجتمعية خطأ؟
الأسرة هي مصدر الحماية الأول، فحين تتعرض للعنف في الخارج تلجأ إلى أسرتك كي تحتضنك، ولكن إذا تعرضت للعنف داخل أسرتك، فإلى من ستلجأ؟ بمن ستحتمي؟
العنف الأسري داخل المجتمع المصري

ظاهرة العنف الأسري ظاهرة عالمية تهدد جميع المجتمعات، خاصة المجتمع المصري الذي انتشرت فيه العديد من مظاهر العنف الأسري، وفي معظم الأحيان تكون المرأة والأطفال هم ضحايا هذه الظاهرة البشعة.
في الآونة الأخيرة نسمع دائما عن حوادث العنف الأسري: طفلة صغيرة تتعرض للتعذيب الجسدي على يد جدتها، فتاة تتعرض للضرب من قبل والدها، فتاة ثلاثينية تقتل على يد زوجها بعد أن تعرضت للعنف الجسدي، العديد من جرائم العنف الاجتماعي التي نقرأها كل يوم بالصحف، ولكي نتعرف أكثر على العنف الأسري علينا أن نعرفه أولا.
تعريف العنف الأسري
العنف هو استخدام القوة المادية أو المعنوية لإيذاء شخص آخر، ويشمل عدة صور مختلفة منها العنف الجسدي، العنف اللفظي، العنف الجنسي، والعنف الفكري، وهو استخدام القوة لإيذاء الأفراد داخل الأسرة الواحدة، وهناك أسباب عديدة للعنف الأسري منها الاجتماعية، والاقتصادية أيضا.
الأسباب الاجتماعية
وهي نتيجة بعض العادات والتقاليد الخطأ، مثل أن الرجل يجب عليه أن يسيطر على شريك حياته، عليه أن يغلظ من صوته ويرفع يده كي تكون كلمته (مسموعة)، ويكون مسيطرا على زمام الأمور، والتربية الغير سليمة كالنشأة في أسرة يسودها العنف والتبلد وعدم الاحترام المتبادل بين أفرادها، ونظرة المجتمع للمرأة على أنها كائن يحتاج دائما إلى التقويم، وكذلك تعاطي الكحول والمخدرات يعدان من أسباب العنف.
الأسباب الاقتصادية
وذلك يرجع إلى ظروف المعيشة الصعبة، وتراكم الديون، فقدان الوظيفة، وعدم القدرة على توفير احتياجات ومتطلبات المنزل، كل تلك عوامل تؤدي إلى أن يلجأ الفرد لممارسة العنف تجاه أسرته.
بعض الاحصائيات عن العنف الأسري دخل المجتمع المصري

“وفقآ لإحصائية المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية؛ أن 92%من الجرائم الأسرية تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف 70% منها ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم والنسبة الباقية وهي 3% ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم.
وعن تطور العنف وزيادته داخل البيوت أكدت الإحصائية أن الضرب احتل نسبة 29.5%، وجاء أسلوب التوبيخ والسباب في المرتبة الثانية بنسبة 24.1%، ثم أسلوب الحرمان من الأكل أو المصروف بنسبة 20.8% والنصح والإرشاد بنسبة 18.2% والضرب باستخدام آلة 6.3% والتوبيخ أمام الناس 9% واللسع بالنار 2% وارتفعت الجرائم العنف الأسري خلال عام واحد إلى مليون و500 ألف «حالة عنف» بمعدل 2741 حالة كل شهر.”(1)
بعد هذه الأرقام والإحصائيات المرعبة علينا أن نجد حلولا للحد من هذه الظاهرة التي تشكل خطرا على المجتمع بأكمله، فالعنف يولد أشخاصا غير أسوياء، لديهم حقد ضد المجتمع وضد أفراده.
القوانين والتشريعات

في وجود المادة رقم ١١ في الدستور المصري والتي تنص على “تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف” (2)، في ظل ذلك التشريع وجب وجود القوانين اللازمة لحماية المرأة من العنف، فالمطالبة بوجود قانون لمواجهة العنف بدأت في عام ٢٠٠٥ من قبل مركز نديم، لحماية المرأة من العنف داخل الأسرة، وقد عرض مشروع القانون في برلمان ٢٠١٠، الذي تعرض للحل بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وأعاد الطلب المجلس القومي للمرأة وقدم مشروع القانون للبرلمان الحالي ويتضمن عقوبات رادعة لكل من يعتدى على المرأة بدنياً أو لفظيا، ويتكون قوام القانون من ٢٠ مادة تتراوح فيه العقوبات بين السجن و الغرامة. (3)
ولكن القانون واحده لا يكفي، فهناك الكثير من التوعية الاجتماعية والأسرية يمكننا أن نتبعها.
التوعية الاجتماعية
علينا أن نبدأ بهدم “التابوهات” الاجتماعية غير السليمة، التي تنظر إلى المرأة على أنها كائن تابع، يجب السيطرة عليه، ولا يمكنه اتخاذ القرار، فعلينا الإكثار من الندوات الثقافية، لتوضيح أساليب التفكير الخطأ، والنظرة المجتمعية التي تؤدي إلى هلاك أجيال كاملة، طريقة التربية القائمة على الضرب والترهيب، علينا تدشين الندوات والحملات الثقافية التي تعلم طرق التربية الإيجابية.
نبذه عن التربية الإيجابية
وهي تقوم على فهم عالم الطفل ومشاركته لمشاعره وأفكاره، وتعمل على تشجيعه وغرز ثقته في نفسه، ومشاركته لاهتماماته وتعليمه مهارات الحياة، والمهارات الاجتماعية كي يكون شخصا سويا فعالا في مجتمعه.
التوعية الأسرية
هي أن نوضح الآثار النفسية السيئة لمن يتعرض للعنف داخل أسرته، فنحن من يحفر بداخل أبنائنا، ونحن من نشكل طرق تفكيرهم ونظرتهم لجميع الأمور حولهم، كيف تريد بناء شخصية سليمة لابنك وهو يرى والدته تهان كل يوم؟ ماذا تتوقع منه أن يفعل في المستقبل حين يتزوج؟ حين تهين وتضرب طفلك؟ هل تعلم أبنك عن طريق العقاب بالحرمان والضرب من قبل؟
لا توجد إجابات كثير كي نتناقش فيها، أنت وأنا نعلم جيدا أنه لا يوجد سوى إجابتين فقط لكل تلك الأسئلة، إما سيكون شخصا جبانا يهينه الجميع ويستغله، أو شخصا عنيفا مليئا بالكره لمن حوله، ساخطا على الجميع، وعلى والديه أولا. ستكون أُمّا مليئة بالكره تجاه أطفالها ومجتمعها الذي يراها مذنبة مهما كانت تملك من الحق أطنانًا. لذلك يجب علينا نشر الوعي في طرق التربية للمقبلين على الزواج، وأن يتعلموا كيفية التفاهم والتعامل مع الأطفال، لأن الأسرة هي النواة الأولى في بذرة المجتمع الكبير.
المصادر: –
- اليوم السابع
- بوابة فيتو
- صدى البلد