عولمة الرأسمالية

Comments 0
العنوان The Globalization of Capitalism
تاريخ النشر٣ / يوليو / ٢٠١٩
الكاتبNicki Lisa Cole, Ph.D
الموقع thoughtco

الرأسمالية، بوصفها نظامًا اقتصاديًّا، كانت بدايتها في القرن الرابع عشر ووُجدت في ثلاثة عصور قديمة مختلفة قبل أن تتطور إلى الرأسمالية العالمية حاليًّا. لنُلقي نظرة على عملية عولمة النظام الذي غيّرها من رأسمالية كنزية، أي رأسمالية “الصفقة الجديدة”، إلى الليبرالية الحديثة والنموذج العالمي الموجود في يومنا هذا.

الأساس

أساس الرأسمالية العالمية حالياً وضع بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر برينتون وودز الذي عُقد في فندق مونت واشنطن في برينتون وودز في نيو هامبتشر في عام ١٩٤٤. وقد حضر المؤتمر وفود من كل دول الحلفاء وكان هدفه إنشاءُ نظامٍ تجاريّ ماليٍّ دوليّ متكامل  يتبنى إعادة بناء البلاد التي دمرتها الحرب. واتفقت الوفود على نظام مالي جديد له أسعار صرف محددة بناءً على قيمة الدولار الأمريكي، وأسسوا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، الذي هو

الآن جزء من البنك الدولي، لإدارة سياسات التمويل وإدارة التجارة المتفق عليها. بعد بضع سنوات ، أُبرِمت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات) في عام 1947 ، والتي استهدفت تعزيز “التجارة الحرة” بين الدول الأعضاء، على أساس التعريفات الجمركية على الواردات والصادرات المنخفضة إلى المنعدمة. (هذه مؤسسات معقدة، وتتطلب المزيد من القراءة لفهم أعمق لأهداف هذه المناقشة. ومن المهم ببساطة معرفة أن هذه المؤسسات قد أُنشئت في هذا الوقت لأنها تستمر في أداء أدوار مهمة ومترابطة منطقيًّا إلى حد كبير في عصرنا الحالي من الرأسمالية العالمية.)

وقد حدد تنظيم التمويل والشركات وبرامج الرعاية الاجتماعية سمات الحقبة الثالثة: رأسمالية “الصفقة الجديدة” خلال جزء كبير من القرن العشرين. إن تدخلات الدولة في الاقتصاد في ذلك الوقت، بما في ذلك وضع حد أدنى للأجور، ووضع حد أقصى لمدة 40 ساعة أسبوعيًا للعمل، ودعم النقابات العمالية، وضعت أيضًا أسسًا للرأسمالية العالمية. وعندما وقع الركود في سبعينيات القرن العشرين، وجدت الشركات الأمريكية نفسها تكافح للحفاظ على الأهداف الرأسمالية الرئيسية من زيادة الأرباح وتراكم الثروات.

حددت حماية حقوق العمال المدى الذي يمكن للشركات من خلاله استغلال القوى العاملة لديهم من أجل الربح ، لذا ابتكر الاقتصاديون والقادة السياسيون ورؤساء الشركات والمؤسسات المالية حلاً لأزمة الرأسمالية هذه: سيتخلصون من القيود التنظيمية بالدولة القومية وتصبح عالمية .

رونالد ريجان ورفع القيود

من المعروف أن رئاسة رونالد ريجان هي عصر رفع القيود. ففي عهد ريجان، أُلغِيَت الكثير من اللوائح التي وُضِعت أثناء رئاسة فرانكلين ديلانو روزفلت من خلال التشريعات والأجهزة الإدارية والرفاه الاجتماعي. واستمرت هذه العملية في الظهور على مدار العقود المُقبِلة وما زالت تتكشف اليوم.

يُعرف النهج الاقتصادي الذي أشاعه ريجان ونظيرته البريطانية مارجريت تاتشر، بالليبرالية الجديدة ، والتي سميت هكذا لأنها شكل جديد من أشكال الاقتصاد الليبرالي، أو بعبارة أخرى، عودة إلى أيديولوجية السوق الحرة. أشرف ريجان على منع برامج الرعاية الاجتماعية، والتخفيضات على ضريبة الدخل الفيدرالية والضرائب على أرباح الشركات، وإلغاء اللوائح المتعلقة بالإنتاج والتجارة والتمويل.

بينما أدى عصر الاقتصاد الليبرالي الجديد هذا إلى رفع القيود عن الاقتصاد الوطني ، فقد سهل أيضًا تحرير التجارة بين البلاد ، أو زيادة التركيز على “التجارة الحرة”.

وفي عام 1993 سن الرئيس السابق كلينتون اتفاقية تجارة حرة ليبرالية جديدة في غاية الأهمية، اتفاقية نافتا (NAFTA)، وهي التي وضع تصورها ريجان. ومن أهم بنود اتفاقية نافتا وغيرها من اتفاقيات التجارة الحرة هي مناطق التجارة الحرة ومناطق تجهيز الصادرات، فإنها بنود جوهرية الأهمية من ناحية كيفية عولمة الإنتاج في هذا العصر. فهذه المناطق تسمح للشركات الأمريكية ، مثلNike و Apple مثلًا، بعرض سلعها في الخارج، دون دفع جمارك للاستيراد أو التصدير عليها أثناء انتقالها من موقع إلى آخر في عملية العرض، ولا عندما تعود إلى الولايات المتحدة لتُوزَّع وتُباع للمستهلكين. والأهم من ذلك، أن هذه المناطق في الدول الفقيرة تمنح الشركات خاصية الوصول إلى العمالة التي هي أرخص بكثير من العمالة في الولايات المتحدة. ومن ثَم فإن معظم وظائف التصنيع غادرت الولايات المتحدة مع تكشُّف هذه العمليات، وتركت العديد من المدن في أزمة ما بعد الصناعة.  جدير بالذكر، وللأسف، أننا نرى موروث الليبرالية الجديدة في مدينة ديترويت المدمرة بولاية متشيجن      .

منظمة التجارة العالمية:

في أعقاب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) ، أُطلِقت منظمة التجارة العالمية (WTO) في عام 1995 بعد سنوات عديدة من المفاوضات وحلت محل اتفاقية الجات بفاعلية. تشرف منظمة التجارة العالمية على سياسات التجارة الحرة الليبرالية الجديدة وتروج لها بين الدول الأعضاء، وتعمل عملَ هيئة حل النزاعات التجارية بين الدول. واليوم تعمل منظمة التجارة العالمية بالتنسيق الوثيق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجميعها معًا تحدد وتحكم وتنفذ التجارة والتنمية العالمية اليوم، في عصر الرأسمالية العالمية الذي نعيش فيه، أتاحت سياسات التجارة الليبرالية الحديثة  واتفاقيات التجارة الحرة لمن منا في الدول المستهلكة الوصول إلى مجموعة لا تصدق وكمية هائلة من السلع بأسعار معقولة ، لكنها أنتجت أيضًا مستويات غير مسبوقة من تراكم الثروات للشركات ومن يديرها؛ فأدت إلى أنظمة الإنتاج المعقدة والمشتتة عالمياً وغير المنظمة إلى حد كبير؛ إضافة إلى انعدام الأمن الوظيفي لمليارات الأشخاص حول العالم ممن يجدون أنفسهم بين مجموعة العمل “المرنة” التي خضعت للعولمة ؛ علاوة على الديون القاصمة للظهر داخل الدول النامية نتيجة لسياسات التجارة والتنمية الليبرالية الجديدة؛ وأخيرًا سباق منحدر إلى الأسفل في الأجور في جميع أنحاء العالم.