تسلط الرأسمالية على النظام الاجتماعي

Comments 0

المجتمع والطبقات الاجتماعية

يتكون المجتمع عادةً من طبقات مختلفة، حيث أنه تاريخيًا كان يتم التحكم في نظام الطبقات بالقانون، ففي المجتمع الفرنسي كان يتم تحديد الملابس وفقًا للطبقات الاجتماعية، فمثلًا الملابس الفخمة والمجوهرات تقتصر على الطبقات العليا والأرستقراطية، وبذلك نجد أن نظام الطبقات الاجتماعية في صراع منذ الأزل. 

وبذلك يتم التعامل مع الفرد وفقًا للطبقة التي ينتمي إليها، إذا كان من طبقة النبلاء فإنه ينعم بالعديد من المميزات، وإن كان من العامة يتم تسخيره في خدمة هؤلاء، إلا أن الصراع بين الطبقات لم ينتهي حتى الثورة الفرنسية التي انتهى معها الإقطاعيون، فأصبح المجتمع يتكون من ثلاث طبقات: الطبقة العليا وهم الأغنياء والطبقة المتوسطة والطبقة العاملة، في حين اختلفت الأنظمة الاقتصادية التي يتم تطبيقها في دول العالم المختلفة. 

الرأسمالية وعلاقتها بالمجتمع 

مروراً بالنظام الإقطاعي والبرجوازي ووصولًا للرأسمالية، التي تعتبر إرث البرجوازية، بدأ الاتجاه نحو السوق الحر وبدأت الدول في الحد من الحواجز التجارية والتخلص من القيود على الإنتاج والعمل، مما أدى إلى الحد من صلاحيات الدولة  وظهور الرأسمالية، وهي نظام اقتصادي تكون فيه رؤوس الأموال مملوكة لأصحاب الأموال الموظفة، أو بالتعريف المبسط هو تقديس الملكية الفردية، بمعنى أن الشخص الذي يملك مالًا كثيرًا يستطيع أن يستثمر في أي شيء يريده عن طريق العرض والطلب، وهدفه الوحيد هو زيادة الربح وتكوين الثروة، وكلما زادت الثروة زاد الطمع في المزيد، هو من يحدد سعر المنتج والكمية الإنتاجية. 

وبالرغم من أن هذا النظام ساعد في ارتفاع الدخل القومي للعديد من الدول للخروج من الفقر المدقع، والعمل على تطوير القدرات العلمية، 

إلا أن عيوبه تفوق مميزاته، فقد أثر بطريقة سلبية على المجتمع.  

تأثير النظام الرأسمالي كنظام اقتصادي على المجتمع

ظهرت الطبقية واستغلال العمال بسبب مبدأ الأسعار الحرة التي يعتمد عليه النظام، كما أن سياسة الاحتكار التي يتبعها جعلت الفرد لا يحق له المنافسة العادلة والدخول في مجال الاستثمار الخاص إلا إذا كان يمتلك القوة والنفوذ -والمال بالطبع- كي يدخل ذلك الاستثمار الذي يسيطر عليه حيتان السوق كما يقال، ولا يوجد فيه مكان لمستثمر صغير يبدأ عمله الخاص.

كما أنه سلب إرادة وحقوق العمال لكي يتبعوا سبل العيش السليمة؛ لأن العامل أصبح مهدد في أي وقت بأن يفصل من عمله، وأن يتم استبداله بآخر يعمل بأجر أقل ولساعات عمل إضافية، مما أدى إلى فتح الباب أمام العديد من الجرائم الاجتماعية؛ كي يجابه ذلك النظام الذي يهدف إلى الربح.. والربح فقط، دون وجود لأي من الأخلاقيات والقيم الاجتماعية، فكما قال كارل ماركس الفيلسوف الألماني: «الرأسمالية ستجعل كل الأشياء سلع: الدين والفن والأدب، وستسلبها قداستها».

فالرأسمالية جعلت المجتمع منهك ويفتقد للقيم والإنسانية، حيث انتشار البطالة وتسخير العمال في المصانع المختلفة والتحكم بهم من قبل صاحب العمل، فكل شيء يؤدي إلى كسب المال دون النظر إلى أنه يخالف المبادئ الاجتماعية والإنسانية المتعارف عليها. 

فتهميش الدولة وجعل دورها مقتصر على حماية الأفراد والأمن العام والابتعاد عن الاقتصاد والسوق الحر، أعطى الحق لطبقة واحدة من المجتمع أو بالأصح من يملك المال أن يتحكم في باقي طبقات المجتمع، حيث لم تصمد الطبقة الوسطى كثيرًا في ذلك النظام وأصبح هناك طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء فقط وجزءًا من الطبقة الوسطى استطاع أن يصل إلى الطبقة العليا والباقي كان مصيره أن ينزل إلى طبقة الفقراء، لأنه لم يعد يوجد أحد يسيطر على الاقتصاد ولا يقنن وضعه، وطريقته في الإبداع والابتكار، فبالرغم من تخصيص الشركات الكبرى جزءًا من الميزانية للبحث العلمي والابتكار إلا أن هذا أيضًا كان مسيطَر عليه من قِبل الفئة المالكة  للمال، وليس لكل من له تفكير وأسلوب إبداعي.  

ربما كان هناك طريقة أخرى تجعل الأغنياء وأصحاب النفوذ يعودون بالنفع على المجتمع، وهي قيامهم برفع حجم استثماراتهم وبالتالي يزداد النمو الاقتصادي مما يجعل شريحة أوسع من المجتمع تتشارك ثماره، ولكن من وجهة نظري أنه على الدولة استلام زمام الأمور الاقتصادية وفرض سيطرتها عليها؛ كي لا تُترك في يد أفراد تتحكم في المجتمع كاملاً بأفكاره وقدراته الإنتاجية، ويُحصر تقييم الأفراد بالمال، وأن يلقى بالأخلاقيات الاجتماعية والمساواة واحترام الإنسانية عرض الحائط.