GOT|عندما يتجسد الموت بإبداع
في الساعات القليلة الماضية شهدنا العمل السينمائي الذي تم تصنيفه على أنه أفضل حدث قد مر في تاريخ السينما العالمية، الإمتاع والجودة الفنية التي لا تقارن والتي شهدناها في الحلقة الثالثة من مسلسل Game of thrones، والحبكة الفنية التي لا تأتي إلا من وراء عمل فني ساحر للغاية، قد جعلنا نرى ملحمة تاريخية لم نر مثلها من فترة ماضية منذ ملحمة فيلم The good the Bad and The Ugly مرورًا بملحمة الجزء الثاني من The lord of the rings وغيرها من الملاحم التاريخية بل إنني اعتقد أنها تفوقت عليهم في أمور معينة…
المشكلة التي تحدَّث عنها الجميع
من خلال رؤيتي للجزئية الأولى للمسلسل وضعت حكمًا عليها أنها ستكون ملحمة ظلامية لا نرى بها شيئًا مثلما يحدث في بعض الأفلام لكن المخرج قد قرر أن يعالج هذه المشكلة بدخول تاريخي للساحرة الحمراء ميليساندرا التي أشعلت سيوف جيوش الدوثراكي كي تتضح الرؤية للجميع وإعلانًا منها عن بداية الحرب المنتظرة، حرب النهاية الأبدية.
نهاية مأساوية غير مستحقة
جيوش الدوثراكي الذين أذهلونا بقدرتهم على الحروب، أبهروا التاريخ داخل ويستروس وأرعبوا الممالك السبعة نظيرًا لقوتهم الخيالية، رأيناهم يشاركوا في العديد من الحروب القاتلة وينتصروا بها رغمًا عن أي فرد وبغض النظر عن العدو المقابل فإنهم دائمًا ما ينتصرون، الدوثراكي الذين عبروا نصف العالم وحققوا المستحيل وهزموا جيش الأسياد ثم أجهزوا على جيوش العاصمة وفي النهاية كانت نهايتهم بسيطة للغاية، في ثوان قليلة انتهى أمرهم في الظلام دون أن نرى لهم أية مواجهة.
ويرى البعض أنها رسالة من الكاتب كي يعلم الجميع أن هذه الحرب مختلفة وأن العدو مختلف، إنها حرب الأحياء ضد الأموات.. الحرب التي لا رحمة فيها، الحرب التي لا تعترف بقوتك لأنك تواجه أموات، لكننى مع الرأي الذى أراد أن يرى شيئًا من المقاومة للدوثراكيين ولو لدقائق أكثر من ذلك لأنهم استحقوا هذا الأمر.
روعة الموسيقى
أعتقد أنني لم أر تسلسل موسيقى كالذي رأيته في هذه الحلقة، الموسيقى المذهلة للغاية.. من موسيقى البداية التي أذهلتنا بقدوم ال white walkers إلى تسلسل الموسيقى مع الأحداث بشكل منمق للغاية.. إلى موسيقى خطوات ملك الموتى تجاه بران كي يقتله، تقسيم الأحداث تم بشكل جعلنا نعتقد أن المشاهد هي التي هيأت نفسها على الموسيقى وليس العكس، فعادة ما يحدث العكس لكنهم فعلوها هذه المرة بشكل لا نراه إلا فى أعمال الموسيقار Hans zimmer وقليلين من عباقرة الموسيقى فى تاريخ السينما.
الموسيقى التي أذهلت الجميع هي موسيقى ال ،Knight king حقًا لقد كانت من أحد أهم الأعمال في تاريخ الموسيقى العالمية.
استماتة ثيون
ثيون الذي تربى على أيدي نيد ستارك والذي أخذ الكثير من المميزات في بيت ستارك أكثر من جون ستارك نفسه لأنهم اعتبروا جون هو ابن زنا، ثيون رأى أنه قد خان عائلة ستارك عندما حكم وينترفيل في وقت مضى عندما قرر أنه سيمحى وجود أبناء نيد ستارك للأبد، وقرر أن يقتل بران لولا أن هرب بران بأعجوبة، يشعر ثيون بالذنب لأنه علم بالأهوال التي مر بها بران لكن بران ببساطة وقبل أن يبدأ هجوم الموتى عليهم أخبره بأن ما فعله قد جلب لهذا المكان قد يكون خط الدفاع الذي يحمي بران من الموتى.
استماتة ثيون أظهرت أنه تعلم شيئًا من نيد ستارك، تعلم كيفية القتال حتى وإن كان الوحيد الذي يقاتل في جبهة ضد العديد من الأعداء.. قاوم ثيون ما حدث لوقت طويل حتى أنني اعتقدت أنه خطف البطولة من غيره من الممثلين، أثار انتباه المتابعين وصحح الفكرة التي تصدرت عنه في أجزاء ماضية من المسلسل.
ربما كانت اللحظة المثيرة للاهتمام هي كلمات بران الأخيرة لثيون: «أنت رجل صالح» هي الكلمة التي احتاجها ثيون كي يذهب لمصيره في مواجهة ملك الموتى.
انتقاد دور بران في الحرب
الجميع تحدث عن أنه أراد رؤية دور أفضل من ذلك لشخصية بران (الغراب ذو الأعين الثلاثة)، لكننا إن لاحظنا في الحلقة الثانية من كلمات بران عن سبب إرادة ملك الموتى أن يصل إليه كى يقضي عليه وهو أن بران هو ذاكرة هذا العالم، ذكرى كل من هم على قيد الحياة، الأمور التي تذكرهم بأنهم لازالوا بشر.. لذلك إن استطاع ملك الموتى قتل بران فإنه سيكون محى ذاكرة البشرية ولن يتواجد ما يعرف بكلمة إنسانية؛ ولذلك فإن دور بران لم يكون دور حربي بل كان دورًا استراتيجيًا في هذه الحرب
حرب السماء
شهدنا حربًا من نوعية مختلفة، فنحن نعلم أن ملك الموتى قد سيطر على أحد التنانين الثلاثية وجعله أحد جنوده الأشد خطرًا.. رأينا بداية مذهلة من دانيريس تارغيريان وجون سنو (إيغون تارغيريان) فى إشعال النار بالموتى بإعطائهم فرصة لمحاربي الأرض فى الرؤية والانتصار المؤقت حتى يتقدموا أكثر للدفاع عن أنفسهم ثم جاءت لحظة البحث عن ملك الموتى والذي اختفى في الظلام الذي انجرف فيه جون ودانيريس ليختفيا عن الأنظار بشكل منعهما من رؤية أصدقائهم وانعدام التواصل تمامًا لكنهما أرادا الوصول إلى ملك الموتى والذي كان الهدف الرئيسي لهما كي يقتلاه وتنتهى هذه الحرب للأبد لكنه أدهشنا باختفائه وظهوره المفاجئ كي يهاجمهما شيئًا فشيئًا حتى رأيناه يُظهر إتقان كبير لدور الشر الأبدي والظلام الذي لا ينتهي، رأيناه يتنازل عن التنين عندما رآه يسقط ولم يفكر به ولو للحظة كما تفعل دانيريس دائمًا حتى انتقلت حرب السماء إلى الأرض.
ملك الموتى
الشخصية التي لا يتحدث عنها أحد، ففي أفلام Avengers الأخيرة بدأنا نتحدث عن الشرير ثانوس بوصفه شخصية لها قضية كبير يستميت في الدفاع عنها وهنا في الحلقة الثالثة عرفنا أحد منافسي ثانوس على الشخصية الأكثر شرًا في التاريخ، ملك الموتى الذي أذهلنا في حرب النهاية.. هو يريد الوصول إلى بران في البداية بغض النظر عما يحدث، يريد الوصول إليه كي يمحو ذاكرة البشرية نهائيًا، رأينا إرادته الفولائية تظهر في استماتة جنوده خصوصًا عندما تم إشعال الخندق بين الأحياء والأموات، رأيناهم يستميتون في الوصول إلى الحصن كي يحطموه، رأيناه عندما سقط من على التنين يذهب سيرًا ناحية مراده.
الأهم من ذلك أننا رأيناه يتنازل عن معركة وجهًا لوجه أمام جون سنو (إيغون تارغيريان) لأنها ستضيع وقته، يعلم أنها معركة لن تثبت أي شيء في قضيته فقرر أن يهدئنا بتحويل الجميع ممن سقطوا في المعركة إلى جيش الموتى، جعلهم يواجهون من تبقى من البشرية فى مواجهة غير متكافئة نهائيًا، هكذا رأيناه يصرعلى الوصول إلى هدفه.
أهل السرداب
فى جميع الحروب نجد أناس يتواجدوا في السرداب، العجزة والأطفال والنساء.. دائمًا ما يحدث ذلك، لكننا وللمرة الأولى نرى عنصر جديد يضاف إلى هذه المجموعة وهم صناع القرار، أهل الرأى، من يصنعون الحروب ويقومون بإيقافها لكنهم لا علاقة لهم بالحرب، الحرب التي يشاركون بها هي حرب السياسة وهم سانسا ستارك سيدة وينترفيل التي هي أهل للقيادة لكنها لا تقوى على الحروب إضافة إلى مساعد الملكة تيريون لانستر الرجل الذي لديه عقلية فتاكة إن امتلكه ملك الموتى بين رجاله لاستطاع تحطيم الممالك السبعة بفكرة واحدة من رأسه واللورد فاريس أحد أذكى الشخصيات السياسية في تاريخ هذا المسلسل.
جورا مورمنت
الناحية التي أذهلتنا هي استماتة جورا مورمنت الحارس الأمين الذي جلبه الأخ الأكبر لدانيريس تارغيريان كي يدافع عنها مهما حدث، جلبه كي يكون المحارب بجوار المرأة الفولاذية، بعد أن اعتقدت أنه سينتهى بسبب المرض الذي أصابه إذ به يعود مجددًا ونجده أخيرًا يظهر دفاعًا لا شك به أبدًا، دافع عن المرأة التي طالما رأى أنه يحبها حتى الموت، استمات في الدفاع عنها بشكل أعتقد أنني لم أر له مثيل في الأعمال السينمائية.
أريا ستارك
What do we say to the death?
Not today
الشخصية التي حيرتنا طيلة الفترة الماضية، علمنا منذ الجزء الأول أنها ستمتلك دورًا هامًا لكن لم يتوقع أحد أنها هي المنتظرة!
منذ الجزء الأول عندما رآها والدها نيد ستارك تتعلم كيف تستعمل السيف لأنها تريد أن تصبح فارسة وسألها لماذا تفعل ذلك، أجابته بشغف كبير أنها ستدافع عن وينترفيل يومًا ما وها هي تفعل عندما سقطت جميع المعايير واعتقدنا أنها النهاية بوصول ملك الموتى للفتى بران كى يقتله، رأيناها تنهي الشغف الموسيقي الذي أردنا منه أن ينتهي بدخولها المفاجئ الذي أنهى هذه الحرب بشكل لا رجعة فيه.
ماذا ننتظر
في الحلقات القادمة ماذا ننتظر من البشر؟ ماذا ننتظر منهم بعد أن انتهت هذه الحرب للأبد؟ ماذا ننتظر منهم أن يفعلوا؟ هل يعيدون البناء مجددًا أم تنشأ الحروب مجددًا؟ هل تعلموا الدرس؟ هل علموا أخيرًا أنهم بحاجة للتحدث، بحاجة للتفاهم، بحاجة للتعقل كي يحكموا الممالك السبعة ؟