عام سقوط برشلونة وعزلة جوارديولا
في الجزء الأول تحدثت عن انطلاقة جوارديولا مع برشلونة، وفي الثاني تحدثت عن عام الإبهار الكروي في 2011، وهذه المرة سنتحدث عن العام الذي توقفت به أفكار جوارديولا عن التطبيق لمدة من الزمن قدرها عام ….
كانت الفكرة لها أسباب كثيرة على ما أعتقد،
الشبع الكروي ربما ….
برشلونة حقق مع جوارديولا الكثير من الألقاب، دوري الأبطال مرتين، و اكتساح الدوري لثلاثة أعوام على التوالي والكأس، ناهيك عن البطولات الجانبية مثل: السوبر الأوروبي والإسباني وكأس العالم للأندية، لكن ظهر مع الوقت مشكلة كبيرة وهي أنَّ اللاعبين أُصِيبوا بشبعٍ كروي من تحقيق البطولات، رأيناهم يواصلوا الانتصارات بدون هدف جديد يلوح فى الأفق، لم يجدوا تحديًا كبيرًا أمامهم فتوقفوا عن المسير.
تعطلت أقدامهم أمام الاختبارات الصعبة والتي أصابتهم بالعجز كما ظهر أمام ريال مدريد فى الدوري، و أخطاء حدثت أضاعت الحلم الأوروبي في مباراة تشيلسي .
فإنَّه من السهل عليك أن تُحقِّقَ البُطولات، لكن بمرور الوقت ستُصاب بالشبع وتتوقف عن مواصلة الطريق.
فأعتقد أنَّ الشبع الكروي كان من أسباب سقوط الفريق.
فكرة مورينيو لإيقاف جوارديولا
تحدثت في وقتٍ سابق عن الفكرة التي أتى بها مورينيو لإسقاط جوارديولا، وهي الدفاعات المستميتة واللعب على قلب مغامرات جوارديولا الهجومية المتهورة إلى مرتدات يسحقه بها، مع الإنتر في عام 2010 استطاع أن يحققها مورينيو ويخمد نار برشلونة، فهزمهم فى إيطاليا بثلاثية، وتحدث الجميع وقتها عن استحالة هذه النتيجة لأنَّ برشلونة لم يكن لينهزمَ بهذا الرقم، ثمَّ صمد مورينيو بلاعبيه فى ملعب برشلونة بشكلٍ خارق لا يمكن لأي مدرب آخر أن يقيمه، وخرج بنتيجة أعطته التأهل للنهائي، ومنذ هذا اليوم أصبح مورينيو الند الأكبر لبيب جوارديولا .
و في أواخر عام 2010 قام ريال مدريد بالتعاقد مع جوزيه مورينيو حتى يقتل ثورة برشلونة الملتهبة في الدوري وأوروبا، علم بيريز رئيس النادى أنَّ مورينيو هو الوحيد القادر على إيقاف بيب فسارع بالتعاقد معه ….
أينعم في الموسم الأول انهزم مورينيو شرَّ هزيمة بخُماسية ساحقة من أبناء جوارديولا، لكنَّه في العام التالي هزم برشلونة في الدوري على ملعبها، وهزمهم في نفس الفترة فى الكأس أيضًا.
فعلها مورينيو بنفس الفكرة بعد أن أقنع الجميع أنَّ هذه هي الفكرة الوحيدة لهزيمة برشلونة وجوارديولا في هذه الفترة، ونجح مورينيو في ذلك، وكانت هذه أحد أهم الأسباب التي أسقطت برشلونة مع جوارديولا في العام الأخير.
تفكير جوارديولا فى الرحيل
من أحد أهم الأسباب التي جعلت من موسم برشلونة أمر تقضية وقت ليس إلَّا، وهو أنَّ جوارديولا بدأ في التفكير لترك برشلونة؛ لأنَّه رأى أنَّه يريد تحدٍ جديد على أرض جديدة، بحث عن أفكار مختلفة فقللت هذه الفكرة من حماسية الفريق وقدرته على الإبداع، وخلق تحديات جديدة.
وكانت هذه فكرة سيئة في برشلونة عندما يفكر مدرب بالرحيل لا يهتم أحدٌ بالحديث عن إقناع البعض له بالبقاء، بل يتحدثون عن رحيله وتأثيره على الأجواء، ويشيعون بذلك أفكارًا سلبية تدخل في خواطر اللاعبين، والأجهزة الإدارية للنادي ومن ثمَّ الجماهير.
حتى جوارديولا نفسه أُصِيبَ بحالة من فقدان الرغبة في الإبداع، فواصل تطبيق نفس السياسة بدون أية إبداعات فكرية تُذكر، وهذه حالة عادةً ما تحدث لدى هذه الفئة من العبقريين لكنها لا تدوم إلا لقليلٍ من الزمن.
لقد قرَّرَ الرحيل
و في لحظة إحباط أتت من خسارة الدوري، ومن ثمَّ الخروج من الكأس وصولًا إلى الهزيمة الغريبة من تشيلسى المستميت دفاعيًا، و عثرات الحظ التي تواصلت خلال هذه الفترة، قرر الفيلسوف أن يترك حبيبته الأولى بعد أن قضى معها أفضل اللحظات وحولها من فريقٍ يبحث عن حظوظه كُلَّ فترةٍ زمنية، إلى فريقٍ يسيطر على كرة القدم، ويتربَّع على عرشها بشكلٍ جعل الآخرين فى حالة سقوطٍ متواصل ….
ترك جوارديولا برشلونة في وقتٍ لم يستطع أحدٌ ان يلومه بعد ما قدمه للفريق، وبدأ جوارديولا في مرحلةٍ جديدة من حرب الأفكار!
العزلة هي الحل
ظهر السؤال في ذلك الوقت على هيئة ” من هو الفريق الذى سيدربه جوارديولا بعد برشلونة ؟ ” و التساؤلات تزايدت بسبب تقارير الصحافة المختلفة وصمت جوارديولا الذي أثار مزيدًا من التساؤلات حتى قرَّر الفيلسوف أن يخرج عن صمته قائلًا: لن أتطرق لتجربة تدريبية هذا العام وسأُكرِّث هذه الفترة للنقاهة والتفكير في أساليب جديدة لتقوية طريقتي التدريبية. وأنهى بذلك التساؤلات التى أُثيرت، وانتظرنا عام 2013 بدون جوارديولا وكأنَّه أراد أن يُعطى نفسه فرصةً جديدة.
لكن ما هو التحدي القادم ؟!
أعتقد أني سأتحدث عنه في المقال القادم بعنوان ” عقلية جوارديولا وعقلية الألمان ” … انتظروها يوم الإثنين القادم من سلسلة فلسفة جوارديولا السحرية.
فلسفة جوارديولا السحرية
فلسفة جوارديولا السحرية في عالم الساحرة المستديرة هى سلسلة مقالات تشرح كيف بدأ بيب جوارديولا في منظومة التدريب، و تأثيره في منظومة الكرة الحديثة، وتطويره لمعظم أساليبها، وصياغته لما يسمى ب ” فلسفة بيب ” التي حطمت الخصوم و جلبت العديد من البطولات، وأصبحت طريقة لعب محبوبة لدى الجميع، طريقة تُجبِر الخصم على الاستسلام التام …