أنواع العمى


عزيزي القارئ .. في الغالب أنت أعمى !

كنت قد قرأت في كثير من آيات القرآن الكريم تكرار ذكر كلمة العمى .. مثل ” قَدْ جَاءَكُم
بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ” و ” وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي
الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ! “

وعندما فكرت قليلا في العمى لم أجده نوع واحد .. بل هو أنواع ووجوه كثيرة ، سواء كانت
أنواع تتعلق بالبصيرة وكيفية التفكير أو بعمى البصر الحقيقي .. وإليكم نوعين من أنواع العمى
البصري .. على أن نكمل في المقالات الأخرى أنواع العمى المذكور في الآيات السابقة ..

عمى التأوييل والحكم المسبق !

كنت أتضايق كثيرا عندما يقرأ أحدهم إسمي ” أحمد عبدالجواد ” .. بدلا من ” أحمد ابو الجود “
.. وبرغم وضوح الحروف إلا أن هذه الحالة تكررت مرات ومرات عدة ، لدرجة أنني عند
تقديمي في مسابقة شعر قيل ” من يرغب في التصويت لعبدالجواد فليكتب الرقم 5 ” .. وأنا
نفسي لم أنتبه أن عبدالجواد هذا هو أنا ! ..
إذا ما الأمر ! ..

الأمر أن البشر بطبعهم يميلون للتسهيل على أنفسهم .. عقولهم تذهب التأويل ! .. يؤولون أي
شيء إلى أشياء يعرفونها سابقا .. فهم لم يسمعو من قبل عن أبو الجود ، ولكن يعرفون عبد
الجواد لأنهم سمعوه أو قرأوه من قبل ، فيقرأونها بهذا الشكل ليس هذه هي الحالة الوحيدة

قرأت في أحد ” بوستات ” الفيس بوك .. كلمة تاجر مخدات ، ولم أنتبه لها إلا بعد تنبيه كاتب
البوست أنه لم يكتب مخدرات ، بل هو فعلا تاجر مخدات , للوهلة الأولى – رغم وضوح
الحروف أيضا – قرأت المخدات مخدرات ! .. لأن مخي قد رأى كثيرا كلمة المخدرات بجوار ” تاجر ” .. فحكم من خلال تجاربه – لا من خلال الحقيقة – .. أنه هذا الشخص المسكين تاجرمخدرات .

عمى التغيير

” كل الأمر انك ركزت على شيء ولم تركز على شيء أخر .. فتصاب بالعمى ! ”

عندما تقرر أن تشتري مثلا سيارة من نوع كيا كارينز .. فقد تحلف مائة مرة أن هذه السيارة
منتشرة بشكل مبالغ فيه في شوارع مدينتك .. وإذا قابلت أحدهم ينوي شراء سيارة هيونداي
النترا فسيحلف لك هو الأخر ان هذه السيارة منتشرة بشكل لم يكن يتوقعه .. إذا ما الأمر !
في عام 1998، أجرى باحثون من جامعة هارفارد وجامعة كينت دراسة استهدفت أفرادا مشاة في الحرم الجامعي لتحديد إلى أي مدى يلاحظ الناس بيئاتهم المباشرة. في هذه التجربة.

جاء شخص (أحد فريق البحث) إلى أحد المشاة العابرين في الحرم الجامعي وسأله عن مكان ما داخل الجامعة.

وبينما كان الشخص يصف للسائل كيفية الوصول إلى هذه المكان، جاء رجلان
يحملان بابا خشبيا كبيرا ومرَّا من بينهما، بطريقة حجبت تماما رؤيتهما لبعضهما البعض لعدة
ثوان.

وخلال ذلك الوقت، تم استبدال هذا الشخص (الباحث) بآخر مختلف تماما في الشكل
والطول والهيئة والزي. ولم يلاحظ نصف المشاركين في هذه التجربة عملية الاستبدال. كانت
التجربة من أولى التجارب التي أوضحت ما يسمى بظاهرة “عمى التغيير” (عمى عدم الانتباه
الناشئ عن تغير المشهد)، والتي تظهر مدى انتقائية ما نلاحظه من أي مشهد بصري معين،
يبدو أننا نعتمد على الذاكرة ونمط الإدراك أكثر بكثير مما نعتقد!

يحدث “عمى التغيير” عندما يكون الشخص غير قادر على ملاحظة التغيرات البصرية في
بيئته، على الرغم من أنها غالبا ما تكون واضحة إلى حد كبير.

في 1990، أجرى الباحث دانيال سيمونز دراسة مثيرة في عمى التغيير الذي يراه الكثيرون
أمرًا لا يصدق. في هذه الدراسة، طلب سيمونز من المشاركين مشاهدة شريط فيديو لكرة السلة.

وطلب منهم التركيز على التمريرات بين اللاعبين، وأثناء التجربة كان هناك رجل يرتدي رأس غوريلا يمر بين اللاعبين. وعندما انتهت التجربة، وجد سيمونز أن نصف المشاهدين لم يلحظوا”الرجل الغوريلا” نهائيا رغم وضوحه التام في إطار الشاشة، وعندما أعيد لهم الفيديو الذي يظهر فيه الرجل الغوريلا أنكروا ذلك وقالوا إن الباحث قد بدل الفيديو بآخر! وخلص الباحث إلى أن المشاركين يعانون من “العمى غير المتعمد” (عدم قدرة الفرد على رؤية أشياء واضحة رغم عدم وجود أي قصور بصري لديه .

لمشاهدة التجربة :

عزيزي القارئ .. في الغالب أنت أعمى ، ولكن لا تقلق .. لست الوحيد !