رحلة وصايا عصمت نحو العالمية
على خُطى ملهمِهِ الكاتب العظيم نجيب محفوظ سار باحثًا في دهاليز الأدب عن خبايا الأحداث بعمق المعاني، وبساطة الكلمات، وبراعة التصوير، يحكي عن أحداث التاريخ، وتقلبات الزمان، ويغوص في المشاعر الإنسانية متعمقًا حد الثمالة التي تجعل قارئه يشعر أنه جزءٌ متأصلٌ من القصة وأحدُ أطرافها الأساسية، فينخرط بداخلها ويندمج مع وقائعها، ويتفاعل مع أحداثها بوجدانه ومشاعره، ويتفكر في غايتها بعقله فتشغل قلبَه وفكرَه، ويشعر أن تفاصيلَها قد سكنته واستكان لها.
إنه الروائي المصري عادل عصمت، والذي رُشحت روايته الوصايا مؤخرًا ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية في نسختها العربية.
طريقٌ طويل..
رفَضَ السيْرَ مع التيار، ولم تبهره أضواءُ قاهرةِ المعز وفضّل الإقامة في بلدته طنطا ليعلنَ أنه ليس بالضرورة أن تقيم في مكانٍ ما لتصبح ناجحًا، لكن لابد لك أن تبدع دائمًا، وتعمل جاهدًا لتحصل على ما تحلم به، فاتّبع طريق العظماء وسار على نهجهم واهتدى بهداهم.
ولأنه لا أحد يصل لمرادِه بين ليلةٍ وضحاها فكانت مسيرةُ عصمت -والذي وُلد في محافظة الغربية عام 1959- حافلةً بالأحداث، بدأت بتخرجِه من كلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة عين شمس عام 1984، ثم حصولِه على ليسانس المكتبات من جامعة طنطا عام 1996، أما عن مسيرته المهنية فتلخصت في تقلدِه عدة وظائفَ مختلفة منها: عمله في الصحافة لفترةٍ ما، وعمله سائقًا لفترةٍ أخرى، وعمله كذلك أخصائيَ مكتباتٍ بوزارة التربية والتعليم.
أضاف عادل عصمت الكثير من الأعمال الأدبية للأدب العربي، والتي تُوِّج بعضُها بجوائزَ أدبية قديرة، فحاز على جائزة الدولة التشجيعية عام 2011 عن روايته “أيام النوافذ الزرقاء”، وجائزة نجيب محفوظ للأدب المقدمة من الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 2016 عن رواية “حكايات يوسف تادرس” والتي ترجمت للإنجليزية.
وتتضمن أعمالُه مجموعةً قصصية تحت عنوان ” قصاصات”، وعدد من الروايات: هاجس الموت، الرجل العاري، حياة مستقرة، أيام النوافذ الزرقاء، حكايات يوسف تادرس، حالات ريم، صوت الغراب، الوصايا.. وكتاب بعنوان “ناس وأماكن”.
أما عن روايته الأخيرة الوصايا، فقد أُدرِجت ضمن القائمة الطويلة المرشحة للفوز بالجائزة البوكر العالمية للرواية العربية، والتي تهدف إلى مكافأةِ الأعمال المتميزة في الأدب العربي المعاصر، والتشجيع على قراءة هذا الأدب عالميًّا من خلال ترجمة الروايات الفائزة بعد وصولها إلى القائمة القصيرة.
الوصايا العشر..
بقصةٍ تأخذُك إلى أعماق الريف المصري، وبعشر وصايا من جدٍّ إلى حفيده.. قدّم عصـمت روايته التي حملت اسم “الوصـايا”، والصادرة عن دار الكتب خـان للنشر والتوزيع، والتي يسافر معك الكاتب من خلالها في رحلةٍ طويلة عبر تاريخِ أسرةٍ مصرية ريفية حتى يبدو لك أن الأمر أشبه بملحمةٍ تاريخية تندمج فيها مع التحولات التي تطرأ على تلك الأسرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى الألفينيات، فتعاصر أزماتها، وتشعر بمشاعر أفرادها وأحاسيسهم، وتتعمق في نفوسِهم كما لو كنت معهم تشهد الأحداث وتعايشها.
تدور الرواية حول قصة عائلة سليم، ويتعمق الكاتب معك في أطوار حياة العائلة منذ بداية تواجدها وكفاحها في رحلة البقاء وصولًا لتشتت شملها مع احتفاظ الكاتب بإيقاع الأحداث عبر التاريخ وجعل وصايا الجد تتخللها بشكلٍ سلس يُشعِر القارئ بعمق المعاني ويضفي طابعًا خاصًّا يتمثل في فلسلفة فكر الكاتب في الحياة.
تأتي الوصايا العشر في ثنايا القصة مع توضيح مقصدِه بشكلٍ إنسانيٍّ متعمقٍ في خبايا النفس البشرية وأسرارها مع إسقاطها على الأحداث بشكلٍ ما، وتتمثل هذه الوصايا فيما يلي..
- خلاصك في مشقتك.
- إياك والعمى.
- المتعة عابرةٌ كالحياة.
- كن يقظًا وقت الفرح.
- الثروة مثل الدابة عليك أن تسوقها.
- احذر أن تقتلَ أخاك.
- الأحزانُ سموم القلب.
- تحمّل الألم.
- المحبّة دواء أيام الباطل.
- أعظم الفضائل في التخلّي.