الفيلسوف والتلميذ الأنجح
أعرف أن المزاج العام يدعو لأن يقول المشجعين أن زيدان وصل أو عادل نجاح جوارديولا الفكرى أو التكتيكى على أرض الملعب و بعضهم يقول أن زيدان قد تخطاه بالفعل و أكرر هنا أنى أتحدث عن المستوى الفكرى و التكتيكى و لم أتحدث عن جملة تحتوى على كلمة بطولات أو إنجازات فردية و هنا أجدنى أذهب إلى بعض النقاط الهامة الفاصلة فى هذه المقارنة :
* جوارديولا أحدث طفرة فى تاريخ كرة القدم ، مفهوم إمتلاك الكره و الإستحواذ على المباراة بشكل خرافى لم يستطع أن يصدقه أحد . مجهود جوارديولا التكتيكى صنع من برشلونه نادى لا يُقهر ، بعض الأشخاص قال بأنه علم اللاعبين فى أحد الحصص التدريبيه أن يتناقلوا الكره و أعينهم مغطاه بحيث لا يروا شيئاً إنما يتم تمرير الكره بالحث فقط “من يفعل ذلك ؟! ”
* فى عام 2011 قال أحد المحللين أن برشلونه فى مكانة بعيدة عن جميع الأندية ، لا يستطيع أحد اللحاق به ، جوارديولا تسبب فى رعب الأندية جميعها بلا إستثناء ، كبار ألمانيا و إنجلترا و إيطاليا و حتى الريال لم يستطع أحد أن يتصدى لبرشلونه فى عهد جوارديولا .. كانوا فريقاً منيعاً لا يخسر إلا نادراً و عندما ينهزم يتحدث العالم عن معجزة الموسم التى لم يحققها أحد سوى من فعلها ، حققوا الكثير من الإنتصارات و سجلوا المزيد من الأهداف و قهروا الدفاعات بجميع الطرق و الأساليب و إذا أردت أن تبحث عن فكر جوارديولا أكثر و أكثر ، إبحث على اليوتيوب على التيكى تاكا جوارديولا سترى و تتعلم كيف غير هذا المدرب من تاريخ نادى بل من تاريخ كرة قدم عالمية ، كرة القدم التى إختلفت كثيراً بعدما جاء بيب . أثبت و بكل جدارة أنه من أفضل عشر مدربين بالعالم فى آخر 20 عاماً .
* حين ذهب إلى ألمانيا قالها بنفسه ” هم يعشقوا الكرة الألمانية التى تربوا عليها ، فإذا قمت بلعب التيكى تاكا سأسقط و ستقع منى الأمور سريعاً سريعاً ” قرر بيب أن يقوم بعمل توليفة من التيكى تاكا و الأسطورة الألمانية و نتج عنه فريق خطير جداً هجومياً ، يهاجم بطريقة صعبة لم يكونوا يفعلوها من قبل – لكنه خسر بطولات أوروبية – و هنا ساجدنى أذكرك بكلمتى فى البداية أننى لا أتحدث هنا عن البطولات … و الجميل فى الأمر أيضاً أن هناك مشجع لبايرن ميونخ قام بكتابة رسالة كبيرة تعبر عن شكره لجوارديولا فى عامه الأخير قائلاً : ” أنا أشجع البايرن منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، أريد إخبارك بأنى لم أستمتع بفريقى هكذا إلا بعد توليك تدريبه منذ عامان و نصف .. لم أرى فريقاً يلعب كرة كالتى لعبها تحت قيادك و كم اللحظات الجميلة التى منحتنا إياها أنت و فريقك لا حصر لها . لقد بكيت فرحاً من أجل هذا كله ، لذلك عندما تقول ” يقصد جوارديولا ” بأن مهمتك لن تكتمل إلا إذا إنتصرت بدورى الأبطال .. عليك أن تدرك بأن الكثير من الجماهير لا يرون الأمر بهذه الطريقة . أنا أحب الإنتصار ، لا شك فى ذلك لكنى أريد الإنتصار بالطريقة التى كنا نلعب بها معك ، أريد الإنتصار بهذ الأداء الذى قل نظيره … لا كلمات لدى لوصف السعادة التى يبعثها فينا فريقك ، حتى إن لم تفز سأحتفظ بإرثك لآخر أيام حياتى . جوارديولا لقد كنت مصدر إلهام لنا أنت و فريقك ”
بعدها رد جوارديولا على المشجع قائلاً : إذا كان عملى ترك بصمة فى عقل مشجع بهذا الشكل فأعتقد أن عملى إستحق كل هذا العناء .
إذا أنت تخبرنا بهذا الكلام الكثير و الكثير عن جوارديولا فماذا عن زين الدين زيدان ؟
زيدان وجد نفسه لن يقدم طفرة لأنه لم يأتِ بها ، فقرر سريعاً و سريعاً أن يقدم أمر إستثنائى – ليست طفرة – لكنه أمر يحاول أن يحققه الكثيرين لكن نادراً ما ينجح به أحد !
فما هو ؟
أن تكون متعلماً ، زيدان قرر أن يتعلم أجواء كرة القدم من المدربين الذيين قدموا أفكار ناجحة فى السنوات الأخيرة … قرر أن يتعلم التحكم بالكرة و السيطرة على الملعب مما يقدمه بيب جوارديولا و تحلى بالواقعية التى قدمها أنشيلوتى مع الريال فى عام العاشرة و أخذ أفضل ما يربط طريقة مورينيو و سيميونى فى الإرتداد الدفاعى و إقامة حصون دفاعية إن تطلب الأمر فى كبار المباريات … وجدناه حتى يأخذ طريقة تدوير الملعب كما قدمها لنا لويس إنريكى مع برشلونة فى عام الخامسة .
وجدناه يقدم المزيج الرهيب بين هذه الأفكار ، يقوم بإخراج فكرة مميزة لم نرى ريال مدريد عليها أبداً ، رأيناهم يسيطروا على أوروبا و يجلسوا على عرشها لفترات و فترات ، يحطم الخصوم و يقهر الكبار و يتفوق على معلميه .
* فإذا أتينا للحديث عنهما معاً سنجد أن :
الأول فيلسوف إستطاع صنع طفره فى تاريخ كرة القدم الحديثة ….
و الثانى شخص ذكى أحسن التعلم و التطبيق و نجح فى طريقه وهذا لا يعيبه بالمناسبه .
فدعونا لا نقارن بينهم و نعلم بأن كل منها لا يقارن بالآخر . من الممكن أن تقارن جوارديولا بيوهان كرويف و غيرهم أما زيدان من الممكن أن تقارنه بمدرب نابولى سارى الذى يتعلم و يطبق أيضاً لكنه لم ينجح تماماً فى تطبيقه مثلما فعل زيدان .
و خلاصة القول أن جوارديولا فيلسوف أحدث طفره و زيدان هو الطالب الأذكى فى فصله