زيدان.. تلميذ استطاع هزيمة معلميه

Comments 0

دائمًا ما نبحث عن الوصفة السحرية التي تقودنا إلى التميز، إلى الإبهار، إلى القمة النوعية، إلى ما وراء الخيال.. نبحث عن الطريقة التي تجعلنا نفعلها، هؤلاء قالوا لنا عليكم بالتعلم وهناك من قسمها إلى مراحل، مرحلة تصلها بالتعلم ومرحلة لا يصل إليها سوى الموهوبون، مرحلة تصلها بذكائك وقدرتك على حسن التعلم.. فكيف فعلها زيدان، كيف تعلم وأنجز وأبهر، وهل وصل إلى مرحلة الموهوبين الذين أحدثوا طفرة أم لا؟

تحت يد معلمٍ مخضرم..

زيدان علِم من البداية أنه يتوجب عليه أن يخوض التجربة بجوار شخص لديه الخبرة الكبيرة وفي منطقة العمليات، فلم يجد أفضل من كارلو أنشيلوتي المخضرم الذي حقق دوري الأبطال كثيرًا وحقق الدوري في دول مختلفة ولديه خبرة كبيرة جدًا في كيفية تحقيق الإنجازات ومع نادٍ مثل ريال مدريد فأنت بلا شك تحت ضغط كبير… حتمًا ستتعلم الكثير وستكون قادرًا على مواجهة المشاكل وتقديم الحلول السريعة.

نعم زيدان استفاد من التجربة، حقق الألقاب مع الريال كمساعد لكارلو أنشيلوتي.. اكتسب خبرةً كبيرة وكم رهيب من المعلومات المفيدة ونتذكر كيف استطاع أنشيلوتي تحقيق المستحيل وحصد البطولة العاشرة في دوري الأبطال لريال مدريد  بعد معاناة شديدة وغياب عن النهائي لمدةٍ تزيد على عشرة أعوام!

التمهيد..

زيدان لم يأتِ إلى الريال مباشرةً، لم يأتِ في وقتٍ خطر.. قبل أن يأتيَ ليكون مدربًا للفريق مرّ الريالُ بمراحلٍ مهمة أولها تجربة السقوط مع المدرب أنشيلوتي في عام 2015، بعدها رأينا الفريق يأتي بالمدرب رافا بينيتيز الرجل الذي من المعروف عنه أنه يهتم بالتفاصيل بشكلٍ كبير، بينيتيز استطاع أن يكوّن مجموعة لا بأس بها من اللاعبين.. أكد على ضرورة قدوم لاعب مثل كاسيميرو الذي كان خارج الفريق للإعارة وأصر على تواجد لاعبين وأتى باللاعب لوكاس فازكيز.. أي أنه هيّأ الأمور بشكلٍ جيد إلا أنه لم يَلقَ ترحابًا من الجميع بسبب الهزيمة من برشلونة برباعية ولأنه لم يندمج مع نجوم الفريق بشكلٍ جيد فأتوا بالمدرب زيدان الذي جاء للفريق وهو مهيأ للبداية بشكل جيد.

العمل بدون ضغط..

لا يوجد ما هو أفضل من أن تعمل بدون أية ضغوطات، تعمل بدون مراقب، بدون أي شخص ينتظر منك أعمالًا كبيرة.. نعم لم يطلب رئيس النادي من زيدان الكثير، لم تكن الجماهير لتطلب الكثير، فقط طلبوا عودة التفوق على برشلونة من جديد بعد التخوف من ثلاثي الـ MSN الخارق الذي يتوجه للسيطرة على الأخضر واليابس.. لم يطلب منه رئيس النادي أن يأتي بجميع البطولات بل أن هناك من تحدث بأن زيدان كان كبش فداء لفترة فاصلة سيمر بها الريال فلعب زيدان بعيدًا عن الضغط.

بدون طفرة ماذا أفعل؟

إذا وجدت نفسك مطالَبًا بتحقيق شيءٍ كبير وأمامك أشخاصٌ كبار حققوا طفراتٍ كثيرة مثل التي حققها بيب جوارديولا مع برشلونة عندما غير من شكل كرة القدم بمنظومة التيكي تاكا -طريقة لعب تعتمد على التمريرات الكثيرة الدقيقة ومنع الخصم من الكرة حتى يمَل وتستطيع أن تقهره بها- وهناك الشخص الذي رد عليه، جوزية مورينيو الذي دمج السياسة الدفاعية للطليان مع الإنجليز في منظومة دفاعية غريبة نوعًا ما وجديدة على كرة القدم، قهر بيب جوارديولا بها وتفوق على السير فيرجسون، ولجأ الريال إليه في إحدى المرات وهناك دييجو سيميوني الذي أحدث طفرةً كبيرة في المنظومة الدفاعية القتالية وقهر الخصوم بالكتيبة التي يملكها وهناك الكثير والكثير من الأمثلة الأخرى.

زيدان وجد نفسه منحصرًا بين هذه الأفكار، ليس هو الرجل الذي سيقدم طفرة لكرة القدم لكنه يمتلك الإمكانيات العقلية التي تمكنه من تحقيق أمور كبيرة… وهنا، فكر زيدان أن يتعلم من خصومِه الذين أحدثوا الطفرة فلديك مثلًا:

–        استفاد من الكرة الشاملة التي يقدمها بيب جوارديولا و جهز توليفة جيدة في خط الوسط تعتمد على تواجد الأظهرة الطائرة بجوار لاعبي الوسط وتمرير أكبر عدد ممكن من الكرات للوصول لمرمى الخصم بشكلٍ منظم.

–        تعلم من مورينيو كيفية تكوين منظومة دفاعية جيدة تستطيع غلق الهواء على لاعبي الخصم وقتما يريد وطبق منها ما يفيد ويناسب عقليته.

–        استفاد من الواقعية التي يطبقها كارلو أنشلوتي معلمه الأول، وتعلم كيفية التعامل مع أجزاء المباراة المختلفة.

–        تعلم من سيميوني وأليجري كيفية تقسيم المباراة إلى أجزاء والتعامل مع كل جزء بسياسة الفعل ورد الفعل.

–        لاحظ أن لويس إنريكي مدرب برشلونة يتجه لإراحة اللاعبين حتى ليونيل ميسي ليراهم في لياقة عالية بنهاية الموسم.

وقتها قرر زيدان أن يقوم بعمل توليفة تضم جميع هذه الأفكار، كان التلميذ الأذكى في فصله، استطاع دمج هذه الطرق وعمل طريقة تسمى طريقة زيزو أبهر بها الجميع ولم يستطع أحدهم إيجاد طريقة ثابتة يلعب بها ريال مدريد ورأيناه فريقًا لا يُقهر.

تفوق على معلميه!

تعلم زيدان كيف يتفوق بشكلٍ كامل على معلميه، قرأهم جيدًا، قام بدراسة نقاط قوتهم ونقاط الضعف، انتصر على سيميوني وأنشيلوتي وكلوب وأليجرى وغيرِهم من كبار اللُّعبة.. استطاع أن يكون التلميذ الذي تفوق على معلميه وقهرهم في جميع النواحي، خدمته الظروف -نوعًا ما حدث ذلك- لكن ما فعله في موسم 2016/2017 أقنع الجميع بأنه ليس شخصًا اعتياديًا، صحيحٌ أنه لم يقم بإحداث الطفرة لكنه عمل توليفة ذهبية يمكن أن نطلق عليها توليفة التلميذ الأذكى في فصلِه!