أليجري.. ملك التفاصيل الصغيرة

Comments 0

 

لعلك تريد أن تتعرف على الرجل الذي أمضى يقابل الضغط الإعلامي بالهدوء التام، سيطر على دولةٍ بالطول والعرض لمدة أربعة أعوامٍ متتالية ولا زال أمامه الكثير والكثير…

المدرب ماسيمليانو أليجري الذي سيطر على إيطاليا على مدار أربع سنواتٍ مضت، سبقتها أعوامٌ كانت عبارة عن مراحل تجهيزية للسيطرة الكاملة، فكيف مر بين هذه الفترات واحدةً تلو الأخرى؟

 

أحبّ معشوقته من البداية..

لم يكن يمتلك مسيرةً كبيرة كلاعبٍ سوى أنه قاد بيسكارا إلى الصعود لدوري الدرجة الأولى في إيطاليا 92 بعد تسجيله لـ 12 هدفًا في 31 مباراة، لكن في العام الذي سبقه كان قد أحدث ضجةً كبيرة حين تخلّى عن زوجته المستقبلية قبل الزواج بيومين، اعتذر وقرر أن يكرّس حياته لمعشوقته الجديدة وهي كرة القدم وبالفعل قدم موسمًا استثنائيًّا بعدها ومر على العديد من الأندية كان نابولي  واحدًا منها وأنهى مسيرته كلاعب في عام 2003.

البداية التدريجية في عالم التدريب..

كانت بدايته التدريبية سيئة جدًا، بين عامي 2003 و2007 واجه الفشل الذريع من البداية ودرّب العديد من الأندية في دوري الدرجة الرابعة والثالثة في إيطاليا لكنه انتفض مع نادي ساسولو وصعد به من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية في عام 2007 ثم انتقل إلى كالياري الذي كانت بدايته سيئة، حيث انهزم في المباريات الخمسة الأولى حتى جاءت مباراة الميلان التي تعادل فيها ثم توالت الانتصارات والنتائج الرائعة وأحرج العديد من الكبار حيث تعادل مع الإنتر ذهابًا وانتصر عليها إيابًا في وجود مورينيو مدربًا لهم وتعادل مع روما وأنهى الدوري في المركز التاسع واستطاع أن يحصل على لقب المدرب الأفضل في الدوري الإيطالي لعام 2009.

النقلة النوعية..

تألقه مع كالياري تبعه موسم سيئ لأسبابٍ عديدة كان أهمها اتصالات كثيرة جاءت من ميلان ويوفنتوس فساءت نتائج الفريق حتى أقالوه من تدريب النادي وفي نفس العام انتقل إلى نادي ميلان وفي العام الأول قهر الجميع وحقق بطولة الدوري من العام وبعدها حقق السوبر على حساب الإنتر… أبهر الجميع وقتها مع ميلان بعدما غاب عنهم الدوري لأعوامٍ كثيرة لكن الذكي أليجري فعلها.

لكن مثل كل حكاية كبيرة يجب أن تنتهي مع أليجري بشكلٍ سيئ، رأينا أليجري في عام 2014 بعد أن انهزم من ساسولو بنتيجة 4/3 لم يرحمه أحد، أقاله رئيس النادي فورًا بعد أربعة أعوامٍ جيدة مع الميلان.

 

جماهير يوفنتوس تستقبله بالبيض!

عندما ذهب أليجري إلى يوفنتوس بعدما حدّثه ماروتا رئيس النادي ليكون خليفة للمدرب كونتي، وقتها وجدنا خوفًا كبيرًا من الجماهير لتكرار تجربة أليجري كما حدث مع ميلان والأندية الأخرى فاستقبلوه بالبيض تعبيرًا عن غضبهم مما يحدث.

 

 

الثنائيات..

 

لكننا لم نرَ الرجل الذي يقلق أو يتوتر بسبب هذه الانتقادات، أليجري رجل اعتاد على العمل تحت ضغط، تعلم كيفية الرد على الجميع داخل الملعب لأنه لن يرد عليهم خارجَه مهما حدث… رأيناه يحقق الثنائية -الكأس والدوري-  في عامه الأول مع الفريق في سابقة لم تحدث لليوفنتوس منذ عام 1995 حتى 2014… رد على الجميع واستطاع الوصول لنهائي دوري أبطال أوروبا لكنه خسر أمام ثلاثي الـ MSN الخارق في برشلونة واكتسب احترام الجميع وقتها.

في العام التالي رأيناه يحقق الثنائية مجددًا ويقدم مباراةً أسطورية أمام بايرن ميونخ في ألمانيا لكنه خسر بسبب أفكارٍ مجنونة جديدة على كرة القدم أتى بها بيب جوارديولا لكني أتذكر وقتها أحد الصحفيين كتب عنهم.. “مهما يحدث بعد ذلك غير مهم، يكفى أن السيدة العجوز أرسلت رسالة واضحة وصريحة لحاكم إقليم بافاريا.” رسالة أصابت الجميع بأن ما يقدمه أليجري مع يوفنتوس ليس مجرد صدفة أو أنه مدرب وليد الحظ بل إنما هو رجل يعمل بجد كي ينال ما يريد.

وتخيل أيضًا أنه حقق الثنائية في العام الذي تلاها واستطاع الوصول لنهائي الأبطال لكنه خسر أمام الريال الذي لم يستطِع أحد أن يوقفه في العام 2017 سوى لاعب خارج اسمه ليونيل ميسي.

وفي العام التالي الذي قد انتهى منذ شهورٍ قليلة مضت، استطاع المدرب أليجري تحقيق الثنائية مجددًا وخرج بشكلٍ مشرف أمام ريال مدريد وعلى ملعبه في إسبانيا بعد أن هزم الريال بنتيجة 3/1 لكنه خرج بسبب فارق النتائج لكنه أيضًا أثبت للجميع أنه سيطر على إيطاليا بالطول والعرض طيلة الأربعة أعوام حتى أننا نعرف من

ينتصر بالثنائية قبل أن يتم وضع الجدول.

 

رجل التفاصيل..

 أحد أهم المميزات التي جعلت المدرب أليجري يصل إلى هذه المكانة، يقلب الأمور رأسًا على عقب ويحول إيطاليا إلى ساحة مسجلة باسم يوفنتوس فقط ولا أحد غيره هي درجة تحكمه بتفاصيل دقيقة جدًا تجري في المبارايات، هو أحد ملوك اللعب بالتفاصيل في مباريات كرة القدم في العالم أجمع… يجيد تقسيم المباراة إلى أجزاء والتعامل مع كل جزء على حده والاهتمام بدور كل لاعب في الملعب بشكل تفصيلي زائد عن الحد وهذا الجزء لا يفكر به إلا 5 أو 6 مدربين في العالم.

 

” أليجري ملك التفاصيل، الرجل الأنجح في العالم في العمل تحت الضغوطات والانتقاد، من مسيرة ليست بالأمر الكبير إلى رجل سيطر على دولةٍ لأربعة أعوامٍ متتالية وأخبر أوروبا أن إيطاليا لا زالت موجودة ولا زالت تنافس على حظوظها.”