عظمة النقص.. نقص العظمة!

متلازِمة اسبرجر.. مرضٌ نفسي ينتمي إلى طيف الاضطراباتِ التوحدية والذي يجعل أصحابه غير قادرين على التواصل مع من حولهم بشكل طبيعي، فضلًا عن عدم قدرتهم على تكوين أي صداقات جديدة على أي مُستوى، قد شُخص به “ليونيل ميسي” في سن الثامنة من عمرِه، والذي بدا شبحًا يهدد حياته الطبيعيةَ وأنْ يكبر”ميسي” كباقي الأطفال أو يعيش حياة تشبههم! إلا أنه يبدو أن لولا هذا المرض ما اتجه أبواه إلى الإصرارِ أن يكون “ميسي” أحد أعضاء منظومة برشلونة لكرة القدم.

تجنبًا لعزلته النفسية وبحثًا عن علاقات جيدة للطفلِ المنكُوب.. فكان “ليونيل ميسي” الذي حصلَ على 5  كرات ذهبية اللاعب الأذكى والأمهر الذي أبهر كل من شاهده.. واعتبره الملايين مِن مُتابعي كرة القدم “الأوفياء” أفضل من لمس الكرة.

متلازمة اسبرجر..

قد أشار عدد من الباحثين أنه من المحتمل أن يكونَ كلا من “أينشتاين” و”نيوتن” قد عانا منها، ونظرًا إلى أن وفاتهما سبقَت عصر معرفة هذا المرض فإن افتراض إصابتهِما به ارتكز على التمعن بسيرتهما الذاتية وسلوكهِما الاجتماعي، حيث وجد الباحثون مظاهر موجهة وقوية للإصابة متلازِمة اسبرجر ..

مثل وجود صعوبة في النشاطات الاجتماعية، مع الميل لتكرار حركات معينة كطي الأصابع، مع إبداء اهتمام شديد في نشاطات محددة تختلف من مريض إلى آخرٍ!

ما هذا! “أينتشاين” و”نيوتن” ثمّ “ليونيل ميسي”؟ أهي ضريبة تخليد ذكراهم وشهرتهم؟ أم ضريبة العبقرية؟!

الثلاثي على الرغم من تباعدهم الزمني إلا أن الثلاثي حقًا اختلف عن باقي البشرِ بعبقريته ودقته ونظرته الممتازة لما وراء الأمورِ وقوة الخيال والإبداع.. إذا ما الخطب!؟

مثاليْنِ آخريْنِ لا أكثرَ.

 كان يطلَق عليه الشاذ والقاصر عقليا، لقد كتب في مذكراته أنه لم يكن قادرًا مطلقًا على مسايرة العمل المدرسي ويتذكر أنه كان دائما في مؤخرة صفِه وكان والده يفكر بأنه غبي. “توماس إديسون” مكتشف الكهرباء، الحاصل على 1093 براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه!

لم يتعلم الحروف الهجائيةَ حتى بلغ سن التاسعة ولم يتعلم القراءةَ حتى بلوغ الحادية عشرة وكان الأقارب يعبِرون لوالديه عن أسفهِم لأن ابنهم غبي ومتأخر. الرئيس الثامن عشر للولايات المتحدة الأمريكية ويلسون.

عزيزِي القَارِئ.. لسنا في “مقطع تنمية بشرية”، ولن أطيل عليك بالأمثلة الكثيرة حرصًا على وقتك الغالي، ولكن في الحقيقة الأمرُ ليس صدفة؛ إنّ العظمةَ الحقيقية الكاملة لا توجد على كوكب الأرض، وإن من عجائب القدرِ أن عباقرة البشر قد عانُوا من التشخيص بما هو عكس للعبقرية، ووصفوا بالأغبياء والمتخلفين!! ذكرني هذا بأن “كليم اللَّه” النبي الوحيد الذي نال شرف التحدّث مع اللَّه وهو في الأرض.. كانَ “موسى” صاحب عقدة اللسان والتلعثم بِه وصاحب الدعاء المشهور”واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي”.

الأمر ليس بصدفة؛ إنها آية من آيات اللَّه، العظمة هنا غريبة ناقصة متهَمة ومستضعفة في كثير من الأحيان. يا عزيزِي.. العظمةُ للّه!