بما يأتي يومٌ يتمُّ فيه إجبارُك على الاختيارِ بين أمرينِ، أحدُهم محلقٌ في الشمالِ والآخرُ غائصٌ في الجنوب، ولكن ليس عليك إلا أن تختارَ مُتحمِلًا الثمنَ في كلِّ ثانيةٍ تعيشُها بعدَ ذلك، وهذا ما حدثَ مع “ميغيل” الشخصيةِ الرئيسة في فيلم “coco”.
من النادرِ أن نرى الرواجَ على فيلم أنيميشن بهذا الشكلِ من محبي الأفلامِ، فدائمًا الفيلمُ الحائزُ على إعجابِ أكبرِ عددٍ من جمهورِ السينما هو الذي استطاع أن يحلَّ المعادلةَ الصعبةَ ويفُكَّ شفرةَ الجماهيرِ سواء كانوا مولعين بالأفلامِ أو متابعين عاديين؛ حيث تعددت عناصر تميز الفيلم دون خللٍ، فتجدُه في النهايةِ متوافقًا مع أغلبِ الأذواقِ وأنه لأمرٌ واللهِ لو تعلمون عسير.
والحبكةُ الرئيسيةُ التي استخدمَها “أدريان مولينا” و”ماثيو ألدريتش” -كاتبا السيناريو- ليوصّلا رسالةَ الفيلمِ الرئيسية -الترابطُ العائليُّ- وهيَ أنّ إحياءَ ذكراك في عالمِ الأحياءِ هو صمامُ الأمانِ لبقائك في عالمِ الأمواتِ وإنْ تمّ نسيانُك تمامًا في الدنيا فسترحلُ وكأنك لم تكنْ، وهكذا رسّخ الفيلمُ بقوةٍ أهميةَ العائلةِ وترابُطَها في عالمِ الأحياءِ، فهناك هدفٌ أسمى من ذلك وهو عالمُ الأمواتِ حيثُ الدوام والبقاء لا الذهاب بلا عودةٍ؛ فالعائلةُ فقط هيَ من تستطيعُ أنْ تحملَ رايةَ ذكراك إلى الأبدِ.
ِنأتي للمتعةِ البصريةِ، فمشاهدُ الفيلم كانت مغذيةً بصريًا بشكلٍ عظيمٍ سواء كنّا في عالمِ الأحياءِ أو عالمِ الأمواتِ كما جاء في الفيلم، بفضلِ مصممِ الإنتاج ” هارلي جيسيب” والمصور السينمائيّ “دانيال فينبيرج”.
الموسيقى والأغاني بقيادةِ الموسيقار ” مايكل جياكشي”، ستستمتعُ ببعضِ مقطوعاتٍ من الأغاني في هذا الفيلم أكثرَ من رائعةٍ، فلم يكنْ مفاجئًا فوزُ أغنيةِ “Remember me” من الفيلم بأوسكار أفضلِ أغنيةٍ أصليةٍ، لو أضفنا على ذلك الجملَ الحواريةَ في الربعِ الأخيرِ من الفيلم والتي كانت مُؤثِّرةً ومُوفَّقةً جدًا، ستجدُ نفسَك قد استمتعتَ تجرِبَةٍ سمعيةٍ بشكلٍ ثريِّ.
اترك تعليقا